للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ - وَهَذَا قَدْ يَقْرُبُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا كَانَتِ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً عَلَى مَا قَرَّرَهُ الزَّاهِدِيُّ، إِذِ الْمَقْصُودُ عِنْدَهُمْ بِالْمَبِيعِ عَيْنُهُ، لِتَعَلُّقِ الْحَاجَةِ بِمَنْفَعَتِهَا الذَّاتِيَّةِ، أَمَّا الْمَقْصُودُ بِالثَّمَنِ فَمَالِيَّتُهُ. وَلِذَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ مِثْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ، وَلَوْ تَلِفَ أَوِ اسْتُحِقَّ لاَ يَبْطُل الْعَقْدُ، وَيُسَلَّمُ الْمِثْل، نَعَمْ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ لاَ يُتَصَوَّرُ مَعْنَى الْبَيْعِ عَلَى حَالٍ، وَهِيَ بِالْحَمَالَةِ (الْكَفَالَةِ) أَشْبَهُ (١) .

١٣ - عَلَى أَنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَتِلْمِيذَهُ ابْنَ الْقَيِّمِ لاَ يُسَلِّمَانِ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ وَارِدَةٌ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَفِي ذَلِكَ يُقَرِّرُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلاَمِ الْمُوَقِّعِينَ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَامٌّ، وَلاَ إِجْمَاعٌ. وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَالْكَالِئُ هُوَ الشَّيْءُ الْمُؤَخَّرُ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ شَيْئًا فِي شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، وَكِلاَهُمَا مُؤَخَّرٌ، فَهَذَا لاَ يَجُوزُ بِالاِتِّفَاقِ، وَهُوَ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئٍ.

وَأَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:


(١) جامع الفصولين ١ / ١٦٤. ونص عبارتهم: " قضية العقد في جانب المبيع ثبوت الملك في العين، وقضيته في جانب الثمن وجوب الثمن في الذمة " لكنهم استثنوا ما إذا كان الثمن بطبيعته سلعة محضة (جامع الفصولين ١ / ١٦٤ - ١٦٧) وهي حالة المقايضة، وفيها يكون كل من العوضي والحموي على الأشباه ٢ / ١٥٨ والحواشي على النهاية شرح المنهاج ٤ / ٤٠٨.