للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَْعْيَانِ كَمَا مُثِّل. وَفِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَلَهَا تَنَوُّعٌ يَخُصُّهَا، وَهُوَ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا غَيْرُهُ: فَقَدْ تَتَعَيَّنُ فِي وَقْتٍ، أَوْ مَكَانٍ، وَعَلَى شَخْصٍ أَوْ طَائِفَةٍ كَمَا يَقَعُ مِثْل ذَلِكَ فِي الْوِلاَيَاتِ وَالْجِهَاتِ وَالْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ.

قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَكَذَلِكَ كُل تَنَوُّعٍ فِي الْوَاجِبَاتِ يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ (١) .

٧ - وَقَدْ نَظَرَ الشَّاطِبِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَحَصَرَ الْخِلاَفَ غَيْرَ الْحَقِيقِيِّ فِي عَشَرَةِ أَنْوَاعٍ.

مِنْهَا: مَا تَقَدَّمَ مِنَ الاِخْتِلاَفِ فِي الْعِبَارَةِ.

وَمِنْهَا: أَنْ لاَ يَتَوَارَدَ الْخِلاَفُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ (٢) .

وَمِنْهَا: اخْتِلاَفُ أَقْوَال الإِْمَامِ الْوَاحِدِ، بِنَاءً عَلَى تَغَيُّرِ الاِجْتِهَادِ، وَالرُّجُوعِ عَمَّا أَفْتَى بِهِ أَوَّلاً.

وَمِنْهَا: أَنْ يَقَعَ الاِخْتِلاَفُ فِي الْعَمَل لاَ فِي الْحُكْمِ، بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْعَمَلَيْنِ جَائِزًا، كَاخْتِلاَفِ الْقُرَّاءِ فِي وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقْرَءُوا بِمَا قَرَءُوا بِهِ عَلَى إِنْكَارِ غَيْرِهِ، بَل عَلَى إِجَازَتِهِ وَالإِْقْرَارِ بِصِحَّتِهِ، فَهَذَا لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ بِاخْتِلاَفٍ، فَإِنَّ الْمَرْوِيَّاتِ عَلَى الصِّحَّةِ لاَ خِلاَفَ فِيهَا، إِذِ الْكُل مُتَوَاتِرٌ.

وَهَذِهِ الأَْنْوَاعُ السَّابِقَةُ تَقَعُ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَفِي اخْتِلاَفِهِمْ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي فَتَاوَى الأَْئِمَّةِ وَكَلاَمِهِمْ فِي مَسَائِل الْعِلْمِ. وَهِيَ أَنْوَاعٌ - وَإِنْ سُمِّيَتْ خِلاَفًا - إِلاَّ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الْوِفَاقِ (٣) .


(١) مجموع الفتاوى الكبرى ١٩ / ١١٦ - ١٢١
(٢) الموافقات ٤ / ٢١٦، وانظر لتحقيق المسألة: العضد على مختصر ابن الحاجب.
(٣) الموافقات ٤ / ٢١٧