للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظَّوَاهِرِ تُؤَدِّي إِلَى اخْتِلاَفِ الْبَوَاطِنِ. وَمِمَّا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ:

أ - كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَرَوْنَ الْوُضُوءَ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ. وَرَأَى أَبُو يُوسُفَ هَارُونَ الرَّشِيدَ احْتَجَمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ - أَفْتَاهُ مَالِكٌ بِذَلِكَ - فَصَلَّى أَبُو يُوسُفَ خَلْفَهُ وَلَمْ يُعِدِ الصَّلاَةَ.

ب - الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ لَمَّا صَلَّى مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي مَسْجِدِهِمْ بِضَوَاحِي بَغْدَادَ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: فَعَل ذَلِكَ أَدَبًا مَعَ الإِْمَامِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ بَل تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

ج - كَانَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ يَرَى الْوُضُوءَ مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ. فَسُئِل عَمَّنْ رَأَى الإِْمَامَ قَدِ احْتَجَمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَيُصَلِّي خَلْفَهُ؟ فَقَال: كَيْفَ لاَ أُصَلِّي خَلَفَ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؟

إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْفُقَهَاءِ مَالُوا إِلَى التَّشَدُّدِ فِي ذَلِكَ. (١)

مُرَاعَاةُ الإِْمَامِ لِلْمُصَلِّينَ خَلْفَهُ إِنْ كَانُوا يُخَالِفُونَهُ فِي أَحْكَامِ الصَّلاَةِ:

٣١ - تَقَدَّمَ ذِكْرُ مُرَاعَاةِ الْخِلاَفِ وَشُرُوطِهَا، وَأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ. وَمُرَاعَاةُ إِمَامِ الصَّلاَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الْمَأْمُومُ شَرْطًا


(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٧٨، ٤٤٨، ونهاية المحتاج ٢ / ١٦٠، ١٦١، وانظر أيضا تحفة المحتاج ٢ / ٢٥٤، وكشاف القناع ١ / ٤٤٢، ط مطبعة أنصار السنة، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٢٣ / ٣٥٢، ٣٧٢، وقد ترك هذا " الاستحسان " والحمد لله، في عصرنا الحاضر، وعاد أمره إلى الاستنكار.