للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ي - الشَّرِكَةُ:

١٣ - لاَ يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدِّينِ قِيَامَ الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَلاَّ يَنْفَرِدَ الْكَافِرُ بِالتَّصَرُّفِ لأَِنَّهُ يَعْمَل بِالرِّبَا وَلاَ يَحْتَرِزُ مِمَّا يَحْتَرِزُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ. قَال الْحَنَابِلَةُ: وَمَا يَشْتَرِيهِ الْكِتَابِيُّ أَوْ يَبِيعُهُ مِنَ الْخَمْرِ بِمَال الشَّرِكَةِ أَوِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ فَاسِدًا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: شَرِكَةُ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ صَحِيحَةٌ بِقَيْدِ حُضُورِ الْمُسْلِمِ لِتَصَرُّفِ الْكَافِرِ. وَأَمَّا عِنْدَ غَيْبَتِهِ عَنْهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلاَ يَجُوزُ، وَيَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ إِنْ حَصَل لِلْمُسْلِمِ شَكٌّ فِي عَمَل الذِّمِّيِّ بِالرِّبَا اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (١) وَإِنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِالْخَمْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَال جَمِيعًا لِوُجُوبِ إِرَاقَةِ الْخَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَإِنْ تَحَقَّقَ وَجَبَ التَّصَدُّقُ. وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الذِّمِّيَّ الْمَجُوسِيَّ تُكْرَهُ مُشَارَكَتُهُ أَصْلاً وَتَصِحُّ بِالْقُيُودِ السَّابِقَةِ. وَالشَّافِعِيَّةُ يُعَمِّمُونَ الْكَرَاهَةَ فِي مُشَارَكَةِ كُل كَافِرٍ.

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا فِي الْمُفَاوَضَةِ خَاصَّةً التَّسَاوِيَ فِي الدِّينِ، فَتَصِحُّ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ، وَبَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ وَلاَ تَصِحُّ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ؛ لأَِنَّ مِنْ شَرْطِهَا التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ " لأَِنَّ الْكَافِرَ إِذَا اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لاَ يَقْدِرُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَبِيعَهُ وَكَالَةً مِنْ جِهَتِهِ فَيَفُوتُ شَرْطُ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ ".

وَأَجَازَهَا أَبُو يُوسُفَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَعَلَّل الْكَرَاهَةَ بِأَنَّ الْكَافِرَ لاَ يَهْتَدِي إِلَى الْجَائِزِ مِنَ الْعُقُودِ. وَأَمَّا بَيْنَ


(١) سورة البقرة / ٢٧٩