للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَّلَهَا الْغَاصِبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (وَهُمْ يَقُولُونَ بِجَوَازِ التَّخْلِيل بِالْعِلاَجِ كَمَا سَبَقَ) ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوا بِمَا إِذَا كَانَ التَّخْلِيل بِمَا لاَ قِيمَةَ لَهُ كَإِلْقَاءِ حِنْطَةٍ وَمِلْحٍ يَسِيرٍ، أَوْ تَشْمِيسٍ. أَمَّا لَوْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ وَالْخَل، فَالْخَل مِلْكُ الْغَاصِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّ الْمِلْحَ وَالْخَل مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ جَانِبُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ لَهُ بِلاَ شَيْءٍ، خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالاَ: يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إِنْ شَاءَ، وَيَرُدُّ قَدْرَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنَ الْخَل (١) .

وَالْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْخَل لِلْغَاصِبِ مُطْلَقًا لِحُصُول الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ (٢) .

ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَصَّلُوا بَيْنَ خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَخَمْرِ الْكَافِرِ فَقَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْخَمْرُ لِلْكَافِرِ وَتَخَلَّلَتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الْخَل وَبَيْنَ تَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا. وَإِذَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْخَل (٣) .

١٢ - وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ عَلَى الْغَاصِبِ الضَّمَانَ بِرَدِّ مِثْلِهِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ لِذَهَابِ مَالِيَّتِهِ بِتَخَمُّرِهِ وَانْقِلاَبِهِ إِلَى مَا


(١) حاشية ابن عابدين مع الدر ٥ / ١٣٤، وجواهر الإكليل ٢ / ١٤٩.
(٢) مغني المحتاج ٢ / ٢٩٠، ٢٩١.
(٣) جواهر الإكليل ٢ / ١٤٩، وحاشية الدسوقي ٣ / ٤٤٧.