للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَقُولُونَ فِي الْعُقُودِ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا تَلاَقِي الإِْرَادَتَيْنِ. وَيَقُولُونَ فِي الأَْيْمَانِ: يُسْأَل الْحَالِفُ عَنْ مُرَادِهِ. . . وَهَكَذَا. وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ كُل اخْتِيَارٍ لاَ بُدَّ أَنْ يَشْتَمِل عَلَى إِرَادَةٍ، وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورِيِّ أَنْ يَكُونَ فِي كُل إِرَادَةٍ اخْتِيَارٌ.

ج - الرِّضَا:

٤ - يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ دُونَ غَيْرِهِمْ بَيْنَ الاِخْتِيَارِ وَالرِّضَا. وَإِذَا كَانَ الاِخْتِيَارُ كَمَا تَقَدَّمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الآْخَرِ، فَإِنَّ الرِّضَا. هُوَ الاِنْشِرَاحُ النَّفْسِيُّ، وَلاَ تَلاَزُمَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ عَامٍّ (١) ، فَقَدْ يَخْتَارُ الْمَرْءُ أَمْرًا لاَ يَرْضَاهُ. وَيَظْهَرُ هَذَا التَّفْرِيقُ عِنْدَهُمْ - أَيِ الْحَنَفِيَّةِ - فِي مَسَائِل الإِْكْرَاهِ، فَالإِْكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ - كَالضَّرْبِ الْمُحْتَمَل، وَالْقَيْدِ، وَنَحْوِهِمَا - يُفْسِدُ الرِّضَا وَلَكِنَّهُ لاَ يُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ، أَمَّا الإِْكْرَاهُ الْمُلْجِئُ فَإِنَّهُ يُعْدِمُ الرِّضَا وَيُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ (٢) .

شُرُوطُ الاِخْتِيَارِ:

٥ - لِكَيْ يَكُونَ الاِخْتِيَارُ صَحِيحًا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَنْ لَهُ الاِخْتِيَارُ مُكَلَّفًا، وَأَنْ يَكُونَ فِي قَصْدِهِ مُسْتَبِدًّا، أَيْ: لاَ سُلْطَانَ لأَِحَدٍ عَلَيْهِ. وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الاِخْتِيَارَ يَكُونُ فَاسِدًا إِذَا اخْتَل شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ التَّكْلِيفِ، بِأَنْ كَانَ مَنْ لَهُ الاِخْتِيَارُ مَجْنُونًا، أَوْ صَغِيرًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ كَانَ اخْتِيَارُهُ مَبْنِيًّا عَلَى اخْتِيَارِ غَيْرِهِ، فَإِذَا اضْطُرَّ إِلَى


(١) كشف الأسرار ٤ / ١٥٠٣
(٢) كشف الأسرار ٤ / ١٥٠٣، وشرح المنار لابن ملك وحواشيه ص ٩٩٢ طبع المطبعة العثمانية سنة ١٣١٥ هـ، وبدائع الصنائع ٧ / ١٧٩ الطبعة الأولى