للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الإِْخْرَاجَ يُنْسَبُ إِلَى الْفَاعِل إِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الإِْخْرَاجِ مِنْهُ، وَلاَ يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي إِخْرَاجِ الْمَسْرُوقِ مِنَ الْحِرْزِ وَإِلْقَائِهِ بَعِيدًا ثُمَّ أَخْذِهِ إِيَّاهُ إِنَّهُ يُقْطَعُ، كَمَا فَسَّرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى شُرُوطِ الإِْخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ (١) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلإِْخْرَاجِ:

٤ - يَتَبَيَّنُ مِنَ اسْتِقْرَاءِ الأَْحْكَامِ الْمُتَّصِلَةِ بِالإِْخْرَاجِ أَنَّهُ لاَ يَنْتَظِمُهُ حُكْمٌ وَاحِدٌ، بَل يَكُونُ حُكْمُهُ حَسَبَ أَحْوَالِهِ. فَأَحْيَانًا يَكُونُ الإِْخْرَاجُ وَاجِبًا - أَيْ فَرْضًا - كَإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَاتِ وَمَا قَامَ الدَّلِيل عَلَى فَرْضِيَّتِهِ - كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَكِتَابِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَإِخْرَاجُ مَنِ اسْتَحَقَّ الْحَدَّ مِنَ الْمَسْجِدِ لإِِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (٢) ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَكَإِخْرَاجِ الْمُحْتَرِفِينَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْهُ (٣) .

وَأَحْيَانًا يَكُونُ حَرَامًا كَإِخْرَاجِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ بَيْتِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَفِي شَرْحِ قَوْله تَعَالَى {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ (٤) } مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ، وَكَإِخْرَاجِ الْمَتَاعِ مِنَ


(١) الفتاوى الهندية ٢ / ١٨٠، والمغني ٨ / ٢٥٥، وحاشية القليوبي ٤ / ١٩٥ ط عيسى البابي الحلبي، والدسوقي ٤ / ٣٣٨
(٢) المحلى ١١ / ١٢٣، والمغني ٨ / ٣١٦ و ٩ / ٤٥، ومصنف عبد الرزاق ١ / ٤٣٦، و ١٠ / ٢٣، طبع المكتب الإسلامي، وصحيح البخاري في كتاب الأحكام (باب من حكم في المسجد) ، ونيل الأوطار ٢ / ١٧٦
(٣) كنز العمال برقم ٢٣١٣١ مطبعة البلاغة - حلب.
(٤) سورة الطلاق / ١