للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امْرَأَةٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَال: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَال: فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ (١) . وَلأَِنَّ النِّيَابَةَ تَدْخُل فِي الْعِبَادَةِ بِحَسَبِ خِفَّتِهَا، وَالنَّذْرُ أَخَفُّ حُكْمًا؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِأَصْل الشَّرْعِ. وَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْوَلِيِّ فِعْل مَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ نَذْرٍ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِ إِذْنِهِ (٢) .

١٦ - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَجِّ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ جَانِبٍ مَالِيٍّ وَجَانِبٍ بَدَنِيٍّ. وَالْمَالِكِيَّةُ - فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ - هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ. أَمَّا بَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ فَتَصِحُّ عِنْدَهُمُ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ، لَكِنَّهُمْ يُقَيِّدُونَ ذَلِكَ بِالْعُذْرِ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنِ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ؛ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَال: نَعَمْ. (٣)

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَال لِرَجُلٍ: أَرَأَيْتُكَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ، فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ قُبِل مِنْكَ؟ قَال: نَعَمْ، فَقَال


(١) حديث ابن عباس: " جاءت امرأة. . . أخرجه مسلم (٢ / ٨٠٤ تحقيق محمد عبد الباقي) ورواه البخاري ببعض اختلاف في ألفاظه ٣ / ٤٤ ط محمد علي صبيح.
(٢) شرح منتهى الإرادات ١ / ١٢١، ٤١٧، ٤١٨، ٤٥٧، ٤٥٨، والمغني ٩ / ٣١
(٣) حديث ابن عباس: " إن امرأة من خثعم. . . " أخرجه مسلم (٢ / ٩٧٣) ، وهذا لفظه، وأخرجه البخاري (تلخيص الحبير ٢ / ٢٢٤)