للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَابِلَةِ، مَثَلاً إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ الْعَرْصَةَ الَّتِي فِي يَدِ غَيْرِهِ مَلَكَهَا هُوَ مُنْذُ سَنَةٍ، وَقَال ذُو الْيَدِ (الدَّاخِل) : إِنَّهُ مَلَكَهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ، تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ.

وَإِنْ قَال الدَّاخِل: (مَلَكْتُهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ بَيِّنَةَ مَنْ يَكُونُ تَارِيخُهُ مُقَدَّمًا تُثْبِتُ الْمِلْكَ لَهُ وَقْتَ التَّارِيخِ، وَالآْخَرُ لاَ يَدَّعِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لاَ يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ إِلاَّ بِالتَّلَقِّي مِنْهُ، إِذِ الأَْصْل فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ.

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ هَذَا الأَْصْل دَعْوَى النِّتَاجِ، فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِيهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ مُطْلَقًا، دُونَ اعْتِبَارِ التَّارِيخِ، كَمَا يَدُل عَلَيْهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ كَانَتِ الْيَدُ لِمُتَقَدِّمِ التَّارِيخِ قُدِّمَتْ قَطْعًا، وَإِذَا كَانَتْ لِمُتَأَخِّرِ التَّارِيخِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ أَيْضًا، لأَِنَّهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ فِي إِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْحَال فَيَتَسَاقَطَانِ فِيهِ، وَتَبْقَى الْيَدُ فِيهِ مُقَابِلَةَ الْمِلْكِ السَّابِقِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ بِدَلِيل أَنَّهَا لاَ تُزَال بِهَا.

وَفِي الْقَوْل الثَّانِي: يُرَجَّحُ السَّبْقُ، وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ: يَتَسَاوَيَانِ (٢) .


(١) الاختيار ٢ / ١١٧، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٣٧، وما بعدها، ومجلة الأحكام العدلية م (١٧٦٠) ، وتبصرة الحكام ١ / ٢٤٨، ٢٤٩، والمغني ٩ / ٢٧٥، ٢٧٦.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ٣٤٣.