للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْوَاعُ الْقَتْل الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ:

الأَْوَّل: الْقَتْل الْخَطَأُ

١٢ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. فَكُل مَنْ قَتَل إِنْسَانًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، مُسْتَأْمَنًا أَوْ مُهَادَنًا، وَجَبَتِ الدِّيَةُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا (١) } وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ (٢) } .

وَدِيَةُ الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُؤَجَّلَةً فِي ثَلاَثِ سِنِينَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا (٣) أَيْ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ.

وَدَلِيل تَأْجِيلِهَا كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ: إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى بِذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ خَالَفَهُ أَحَدٌ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا (٤) .


(١) سورة النساء / ٩٢.
(٢) سورة النساء / ٩٢.
(٣) حديث أبي هريرة: " اقتتلت امرأتان من هذيل " أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٢٥٢ - ط السلفية) ، ومسلم (٣ / ١٣١٠ - ط الحلبي) .
(٤) البدائع ٧ / ٢٥٥ - ٢٥٦، والمغني ٧ / ٧٦٩، ٧٧١، والشرح الكبير للدردير ٤ / ٢٨١، ومغني المحتاج ١ / ٥٥، والمهذب ٢ / ٦.