للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْل فَقَدِ اعْتَبَرَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِدْعَةً حَسَنَةً، وَقَال عَنْهُ الْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ، وَلاَ يَلْزَمُ فِعْلُهُ وَلَوْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ (١) .

الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الأَْذَانِ:

١٥ - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الصَّلاَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُؤَذِّنِ بَعْدَ الأَْذَانِ سُنَّةٌ، وَعِنْدَهُمْ يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ مُتَابَعَةُ قَوْلِهِ سِرًّا مِثْلَهُ كَالْمُسْتَمِعِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ أَدَاءِ الأَْذَانِ وَالْمُتَابَعَةِ، وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ فَقَال كَلِمَةً مِنَ الأَْذَانِ قَال مِثْلَهَا سِرًّا؛ لِيَكُونَ مَا يُظْهِرُهُ أَذَانًا وَدُعَاءً إِلَى الصَّلاَةِ، وَمَا يُسِرُّهُ ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَمِعَ الأَْذَانَ.

بِذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَشْمَل الْمُؤَذِّنَ الأَْمْرُ الْوَارِدُ فِي قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْل مَا يَقُول، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَل اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ (٢) .

وَاعْتَبَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِدْعَةً حَسَنَةً وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْبِشْبِيشِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالتُّحْفَةِ السَّنِيَّةِ فِي أَجْوِبَةِ الأَْسْئِلَةِ الْمَرْضِيَّةِ أَنَّ أَوَّل مَا زِيدَتِ


(١) الحطاب ١ / ٤٣٠، وكشاف القناع ١ / ٢٢١
(٢) منتهى الإرادات ١ / ١٣٠، والمغني ١ / ٤٢٨، ومغني المحتاج ١ / ١٤١. وحديث: " إذا سمعتم المؤذن. . . " رواه مسلم (صحيح مسلم ١ / ٢٨٨)