للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِلنَّفْسِ بِهَا يُمْكِنُ الإِْنْسَانُ أَنْ يَحْفَظَ مَا يَقْتَنِيهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ كَالْحِفْظِ، إِلاَّ أَنَّ الْحِفْظَ يُقَال اعْتِبَارًا بِإِحْرَازِهِ، وَالذِّكْرُ يُقَال بِاعْتِبَارِ اسْتِحْضَارِهِ، وَتَارَةً يُقَال لِحُضُورِ الشَّيْءِ الْقَلْبَ أَوِ الْقَوْل. وَلِذَلِكَ قِيل: الذِّكْرُ ذِكْرَانِ: ذِكْرٌ بِالْقَلْبِ، وَذِكْرٌ بِاللِّسَانِ، وَكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَرْبَانِ: ذِكْرٌ عَنْ نِسْيَانٍ، وَذِكْرٌ لاَ عَنْ نِسْيَانٍ، بَل عَنْ إِدَامَةِ حِفْظٍ. وَكُل قَوْلٍ يُقَال لَهُ ذِكْرٌ. وَمِنَ الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ مَعًا (١) قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} (٢) .

أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَيُسْتَعْمَل الذِّكْرُ بِمَعْنَى ذِكْرِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَل، سَوَاءٌ بِالإِْخْبَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ ذَاتِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ بِتِلاَوَةِ كِتَابِهِ أَوْ بِمَسْأَلَتِهِ وَدُعَائِهِ أَوْ بِإِنْشَاءِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِتَقْدِيسِهِ وَتَمْجِيدِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَحَمْدِهِ وَشُكْرِهِ وَتَعْظِيمِهِ. وَيُسْتَعْمَل الذِّكْرُ اصْطِلاَحًا بِمَعْنًى أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ بِمَعْنَى إِنْشَاءِ الثَّنَاءِ بِمَا تَقَدَّمَ، دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي الأُْخْرَى الْمَذْكُورَةِ. وَيُشِيرُ إِلَى الاِسْتِعْمَال بِهَذَا الْمَعْنَى الأَْخَصِّ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ


(١) مطالب أولي النهى ١ / ١٠٧، دمشق، المكتب الإسلامي، ١٣٨٠ هـ.
(٢) سورة البقرة / ٢٠٠.