للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَفْضَل أَعْمَالِهِ الذِّكْرُ وَالصَّلاَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَلَكِنْ يَدْفَعُ هَذَا تَصْرِيحُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَفْضَلِيَّةِ الذِّكْرِ عَلَى الْجِهَادِ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الأَْحَادِيثِ. (١)

وَجَمَعَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ الَّذِي هُوَ أَفْضَل مِنَ الْجِهَادِ، الذِّكْرُ الْكَامِل الْجَامِعُ بَيْنَ ذِكْرِ اللِّسَانِ وَذِكْرِ الْقَلْبِ بِالتَّفَكُّرِ وَالاِسْتِحْضَارِ، فَالَّذِي يَحْصُل لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ أَفْضَل مِمَّنْ يُقَاتِل الْكُفَّارَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارٍ لِذَلِكَ، وَأَفْضَلِيَّةُ الْجِهَادِ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلذِّكْرِ اللِّسَانِيِّ الْمُجَرَّدِ. وَنُقِل عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ وَجْهَ الْجَمْعِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ إِلاَّ وَالذِّكْرُ مُشْتَرَطٌ فِي تَصْحِيحِهِ، فَمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ بِقَلْبِهِ فَلَيْسَ عَمَلُهُ كَامِلاً، فَصَارَ الذِّكْرُ أَفْضَل الأَْعْمَال مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. (٢)

وَأَفْضَل أَهْل كُل عَمَلٍ أَكْثَرُهُمْ فِيهِ ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَأَفْضَل الْمُصَلِّينَ أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لِلَّهِ، وَأَفْضَل الصَّائِمِينَ أَكْثَرُهُمْ فِي صَوْمِهِمْ ذِكْرًا لِلَّهِ، وَكَذَا الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ، (٣) قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا وَمَنِ الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ (٤) وَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ بِقِلَّةِ


(١) تحفة الذاكرين للشوكاني شرح عدة الحصن الحصين للجزري ص ١٠، دار الكتاب العربي.
(٢) فتح الباري ١١ / ٢١٠.
(٣) نزل الأبرار ص ٢٧ - ٢٩، وانظر مدارج السالكين ٢ / ٤٢٦.
(٤) حديث: " سبق المفردون. . . " أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٦٢ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.