للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُعَالَجَةِ، وَقَالُوا: لَوْ قَال الْمَقْتُول: وَرِّثُوهُ فَهُوَ وَصِيَّةٌ.

وَلَوْ سَقَطَ مُتَوَارِثَانِ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ وَأَحَدُهُمَا فَوْقَ الآْخَرِ فَمَاتَ الأَْسْفَل لَمْ يَرِثْهُ الأَْعْلَى، لأَِنَّهُ قَاتِلٌ. وَإِنْ مَاتَ الأَْعْلَى وَرِثَهُ الأَْسْفَل لأَِنَّهُ غَيْرُ قَاتِلٍ لَهُ (١) .

اسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْحِرْمَانِ بِالْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ، وَمِنْ عَدَمِ حِرْمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِأَنَّ الْقَاتِل بِالتَّسَبُّبِ لَيْسَ بِقَاتِلٍ حَقِيقَةً، لأَِنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ وَوَقَعَ فِيهَا مُورَثُهُ فَمَاتَ فَلاَ يُؤَاخَذُ عَلَى ذَلِكَ بِشَيْءٍ. وَالْقَاتِل يُؤَاخَذُ بِفِعْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مِلْكِهِ أَمْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ كَالرَّامِي. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَتْل لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِمَقْتُولٍ وَقَدِ انْعَدَمَ حَال التَّسَبُّبِ. فَإِنَّ حَفْرَهُ مَثَلاً قَدِ اتَّصَل بِالأَْرْضِ دُونَ الْحَيِّ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَل قَاتِلاً حَال الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ؛ إِذْ رُبَّمَا كَانَ الْحَافِرُ حِينَئِذٍ مَيِّتًا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَاتِلاً حَقِيقَةً لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ جَزَاءُ الْقَتْل، وَهُوَ الْحِرْمَانُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْكَفَّارَةِ. وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لاَ يُحْرَمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ بِالْقَتْل، لأَِنَّ الْحِرْمَانَ جَزَاءٌ لِلْقَتْل الْمَحْظُورِ، وَفِعْلُهُمَا مِمَّا لاَ يَصْلُحُ أَنْ يُوصَفَ بِالْحَظْرِ شَرْعًا، إِذْ لاَ يُتَصَوَّرُ تَوَجُّهُ خِطَابِ الشَّارِعِ إِلَيْهِمَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحِرْمَانَ بِاعْتِبَارِ التَّقْصِيرِ فِي التَّحَرُّزِ، وَلاَ يُتَصَوَّرُ نِسْبَةُ التَّقْصِيرِ إِلَيْهِمَا (٢) .

وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ بِحَدِيثِ لَيْسَ لِلْقَاتِل مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ وَفَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْقَتْل شَيْءٌ مِنَ الإِْرْثِ.

وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ خَوْفُ اسْتِعْجَال الْوَارِثِ لِلإِْرْثِ


(١) التحفة الخيرية ص ٥٦
(٢) السراجية ص ١٩ وما بعدما