للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِمْ قَوْله تَعَالَى: {لِلرِّجَال نَصِيبُ مِمَّا تَرَكَ} الآْيَةَ ثُمَّ قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ} فَدَعَا أَخَا سَعْدٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمَرْأَةَ الثُّمُنَ وَلَهُ مَا بَقِيَ. وَقِيل: هَذَا أَوَّل مِيرَاثٍ فِي الإِْسْلاَمِ. (١)

كَمَا اسْتَدَل بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ} وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ أَدْنَى مَرَاتِبِ الاِخْتِلاَطِ: ابْنٌ وَبِنْتٌ، فَلِلاِبْنِ حِينَئِذٍ الثُّلُثَانِ بِالاِتِّفَاقِ، فَعُرِفَ بِهَذِهِ الإِْشَارَةِ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَهُمَا الثُّلُثَانِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ فِي حَالَةِ انْفِرَادِهِمَا فَلاَ حَاجَةَ إِلَى بَيَانِ حَالِهِمَا، بَل إِلَى بَيَانِ حَال مَا فَوْقَهُمَا، فَلِذَلِكَ جَاءَتِ الآْيَةُ {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} (٢) أَيْ فَإِنْ كُنَّ جَمَاعَةً بَالِغَاتٍ مَا بَلَغْنَ مِنَ الْعَدَدِ فَلَهُنَّ مَا لِلاِثْنَتَيْنِ أَيِ الثُّلُثَانِ لاَ يَتَجَاوَزْنَهُ، وَبِأَنَّ الْبِنْتَيْنِ أَمَسُّ رَحِمًا مِنَ الأُْخْتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُحْرِزَانِ الثُّلُثَيْنِ فَهُمَا أَوْلَى بِذَلِكَ الإِْحْرَازِ.

وَبِأَنَّ الأُْخْتَ إِذَا كَانَتْ مَعَ أَخِيهَا وَجَبَ لَهَا الثُّلُثُ، فَبِالأَْوْلَى أَنْ يَجِبَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتٍ أُخْرَى. وَكَذَا الْبِنْتُ يَجِبُ لَهَا مَعَ أُخْتِهَا مِثْل مَا كَانَ لَهَا لَوِ انْفَرَدَتْ مَعَ أَخِيهَا فَوَجَبَ لَهُمَا ذَلِكَ.

وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْوَاحِدَةِ، أَيْ أَنَّ نَصِيبَهُمَا إِذَا انْفَرَدَتَا


(١) حديث (قفوا مال سعد. . . . .) أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي ٦ / ٢٦٧ نشر المكتبة السلفية) وأبو داود (٣ / ٨٠ - ط المطبعة الأنصارية بدهلي) والحاكم ٤ / ٣٣٤ - ط دائرة المعارف العثمانية)
(٢) سورة النساء / ١١