للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٤ - نَهَتِ الشَّرِيعَةُ عَنِ الرَّهْبَانِيَّةِ - بِمَعْنَاهَا الَّذِي كَانَ يُمَارِسُهُ رُهْبَانُ النَّصَارَى - وَهُوَ الْغُلُوُّ فِي الْعِبَادَاتِ، وَالتَّخَلِّي عَنْ أَشْغَال الدُّنْيَا وَتَرْكُ مَلاَذِّهَا، وَاعْتِزَال النِّسَاءِ، وَالْفِرَارُ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ، وَلُزُومُ الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ أَوِ التَّعَبُّدُ فِي الْغِيرَانِ وَالْكُهُوفِ، وَالسِّيَاحَةُ فِي الأَْرْضِ عَلَى غَيْرِ هُدًى بِلُحُوقِهِمْ بِالْبَرَارِيِّ وَالْجِبَال، وَحَمْل أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْمَشَقَّاتِ فِي الاِمْتِنَاعِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَنْكَحِ، وَتَعْذِيبُ النَّفْسِ بِالأَْعْمَال التَّعَبُّدِيَّةِ الشَّاقَّةِ كَأَنْ يَخْصِيَ نَفْسَهُ أَوْ يَضَعَ سَلْسَلَةً فِي عُنُقِهِ.

وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {قُل يَا أَهْل الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْل وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل} (١) .

وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ، فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الإِْسْلاَمِ (٢) . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ (٣) . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَغِبَ


(١) سورة المائدة / ٧٧
(٢) حديث: " عليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام ". أخرجه أحمد (٣ / ٨٢ - ط الميمنية) من حديث أبي سعيد الخدري، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ٢١٥ - ط القدسي) وقال: " رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات "
(٣) حديث: " ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ". أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٩٣ - ط السلفية) من حديث أبي هريرة