للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَءُ الْمُوَالاَةِ:

٥٢ - عَقْدُ الْمُوَالاَةِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الإِْرْثِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَرْتَبَتُهُ بَعْدَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ.

فَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالاَهُ وَعَاقَدَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلاَ وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَمِيرَاثُهُ لَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} وَعَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ (عَاقَدَتْ) فَالآْيَةُ ثَابِتَةُ الْحُكْمِ مُسْتَعْمَلَةٌ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ فَقْدِ ذَوِي الأَْرْحَامِ.

وَقَدْ وَرَدَ الأَْثَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثُبُوتِ هَذَا الْحُكْمِ وَبَقَائِهِ عِنْدَ عَدَمِ ذَوِي الأَْرْحَامِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُل يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُل مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَال: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ فَقَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَمَاتِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَوْلاَهُمْ بِمِيرَاثِهِ، إِذْ لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ بَيْنَهُمَا وِلاَيَةٌ إِلاَّ فِي الْمِيرَاثِ.

وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ: مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَقَال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: إِذَا جَاءَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَإِنَّ وَلاَءَهُ لِمَنْ وَالاَهُ. وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَوَلاَؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً.

وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلأَِنَّ أَسْبَابَ الإِْرْثِ مَحْصُورَةٌ فِي رَحِمٍ وَنِكَاحٍ وَوَلاَءٍ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَالآْيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ، وَلِذَلِكَ لاَ يَرِثُ مَعَ ذِي