للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَمَل بِهَا بَعْضُهُمْ كَابْنِ عَقِيلٍ وَالآْجُرِّيِّ. (١) وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ (٢) . وَلِمَعْرِفَةِ تَفْصِيل الْقَوْل فِي ذَلِكَ وَالْخِلاَفِ فِيهِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (خُلْطَة) .

هَذَا إِذَا كَانَ الْمَال فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، أَمَّا إِنْ كَانَ مَال الرَّجُل مُفَرَّقًا بَيْن بَلَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَوَاشِي فَلاَ أَثَرَ لِتَفَرُّقِهِ، بَل يُزَكَّى زَكَاةَ مَالٍ وَاحِدٍ.

وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمَوَاشِي وَكَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ قَصْرٍ فَأَكْثَرُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ رَجَّحَهَا صَاحِبُ الْمُغْنِي. وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ كُل مَالٍ مِنْهَا يُزَكَّى مُنْفَرِدًا عَمَّا سِوَاهُ، فَإِنْ كَانَ كِلاَ الْمَالَيْنِ نِصَابًا زَكَّاهُمَا كَنِصَابَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَالآْخَرُ أَقَل مِنْ نِصَابٍ زَكَّى مَا تَمَّ نِصَابًا دُونَ الآْخَرِ. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: لاَ أَعْلَمُ هَذَا الْقَوْل عَنْ غَيْرِ أَحْمَدَ. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِأَنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ اجْتِمَاعُ مَال الْجَمَاعَةِ حَال الْخُلْطَةِ فِي مَرَافِقِ الْمِلْكِ وَمَقَاصِدِهِ عَلَى أَتَمِّ الْوُجُوهِ حَتَّى جَعَلَهُ كَمَالٍ وَاحِدٍ وَجَبَ تَأْثِيرُ الاِفْتِرَاقِ الْفَاحِشِ فِي الْمَال


(١) فتح القدير ١ / ٤٩٦، والدسوقي ١ / ٤٣٩، ونهاية المحتاج ٣ / ٦١، والمغني ٢ / ٦١٩.
(٢) حديث: " لا يفرق بين مجتمع ولا. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣١٤ - ط السلفية) من حديث أنس.