للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَحُسْنَ مَآبٍ} ، وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَنِ اخْتَارَ السُّجُودَ فِي الأَْخِيرِ فِي كُل مَوْضِعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِيَخْرُجَ مِنَ الْخِلاَفِ.

وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ لِمَذْهَبِهِمْ، بِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي ص (١) . وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: رَأَيْتُ رُؤْيَا وَأَنَا أَكْتُبُ سُورَةَ ص فَلَمَّا بَلَغْتُ السَّجْدَةَ رَأَيْتُ الدَّوَاةَ وَالْقَلَمَ وَكُل شَيْءٍ بِحَضْرَتِي انْقَلَبَ سَاجِدًا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَل يَسْجُدُ بِهَا. (٢) قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ فِي الاِسْتِدْلاَل بِالْحَدِيثِ: فَأَفَادَ أَنَّ الأَْمْرَ صَارَ إِلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ.

وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الصَّلاَةِ سُورَةَ (ص) وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلَوْ لَمْ تَكُنِ السَّجْدَةُ وَاجِبَةً لَمَا جَازَ إِدْخَالُهَا فِي الصَّلاَةِ.

وَقَالُوا: كَوْنُ سَبَبِ السُّجُودِ فِي حَقِّنَا الشُّكْرَ لاَ يُنَافِي الْوُجُوبَ، فَكُل الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ إِنَّمَا وَجَبَتْ


(١) حديث ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في (ص) ". أخرجه البخاري (الفتح ٢ / ٥٥٢ - ط السلفية) .
(٢) حديث أبي سعيد: " رأيت رؤيا ". أخرجه أحمد (٣ / ٧٦، ٨٤ - ط الميمنية) وأورده الهيثمي في المجمع (٢ / ٢٨٤ - ط القدسي) وقال: رجاله رجال الصحيح.