للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ؛ لأَِنَّهُ أَوْصَلَهُ إِلَى بَاطِنِهِ مِنْ حَلْقِهِ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا اكْتَحَل بِهَا أَوِ اقْتَطَرَهَا فِي أُذُنِهِ أَوْ دَاوَى بِهَا جَائِفَةً أَوْ آمَّةً فَوَصَل إِلَى دِمَاغِهِ، لأَِنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ يَعْتَمِدُ شُرْبَ الْخَمْرِ، وَهُوَ بِهَذِهِ الأَْفْعَال لاَ يَصِيرُ شَارِبًا، وَلَيْسَ فِي طَبْعِهِ مَا يَدْعُوهُ إِلَى هَذِهِ الأَْفْعَال لِتَقَعَ الْحَاجَةُ إِلَى شَرْعِ الزَّجْرِ عَنْهُ (٢) .

وَلَوْ خُلِطَتْ الْخَمْرُ بِالْمَاءِ، فَإِنْ كَانَتِ الْخَمْرُ غَالِبَةً حُدَّ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا لاَ يُحَدُّ إِلاَّ إِذَا سَكِرَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ.

وَكَذَلِكَ يُحَدُّ إِذَا كَانَا سَوَاءً نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ؛ لأَِنَّ اسْمَ الْخَمْرِ بَاقٍ وَهِيَ عَادَةُ بَعْضِ الشَّرَبَةِ أَنَّهُمْ يَشْرَبُونَهَا مَمْزُوجَةً بِالْمَاءِ (٣) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ خَلَطَ الْمُسْكِرَ بِمَاءٍ فَاسْتُهْلِكَ الْمُسْكِرُ فِيهِ فَشَرِبَهُ لَمْ يُحَدَّ.

وَقَالُوا: إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لِعَطَشٍ وَكَانَتْ مَمْزُوجَةً بِمَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ أُبِيحَتْ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ. وَإِنْ شَرِبَهَا مَمْزُوجَةً


(١) المغني ٨ / ٣٠٧، الإقناع ٤ / ٢٦٧.
(٢) المبسوط ٢٤ / ٣٥.
(٣) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٨، البدائع ٧ / ٤٠.