للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَضْرِبُ النُّحَاسَ فُلُوسًا بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ فِيهَا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ وَيُعْطِي أُجْرَةَ الصُّنَّاعِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَإِنَّ التِّجَارَةَ فِيهَا مِنْ قَبِيل أَكْل أَمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل؛ لأَِنَّهُ إِنْ حَرَّمَ الْمُعَامَلَةَ بِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ صَارَتْ عَرَضًا وَسِلْعَةً وَإِذَا ضَرَبَ لَهُمْ فُلُوسًا أُخْرَى أَفْسَدَ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الأَْمْوَال بِنَقْصِ أَسْعَارِهَا فَيَظْلِمُهُمْ بِمَا ضَرَبَهُ بِإِغْلاَءِ سِعْرِهَا.

وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ النَّافِقَةِ فِي مُعَامَلاَتِهِمْ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ زَائِفَةً أَوْ دَخَلَهَا الْغِشُّ. يَدُل عَلَيْهِ حَدِيثُ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُكْسَرَ سِكَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ مِنْ بَأْسٍ (١) .

وَعِلَّةُ النَّهْيِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرِضُونَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَيَأْخُذُونَ أَطْرَافَهَا فَيُخْرِجُونَهَا عَنِ السِّعْرِ الَّذِي يَأْخُذُونَهَا بِهِ وَيَجْمَعُونَ مِنْ تِلْكَ الْقِرَاضَةِ شَيْئًا كَثِيرًا بِالسَّبْكِ فَيَكُونُ كَسْرُهَا بَخْسًا وَتَطْفِيفًا.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ السِّكَّةِ أَنْ لاَ تُعَادَ تِبْرًا وَلِتَبْقَى عَلَى


(١) حديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس ". أخرجه أبو داود (٣ / ٧٣٠ ط. عزت عبيد دعاس) وإسناده ضعيف (جامع الأصول ١١ / ٧٩٢ ط - الملاح) .