للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِلاَّ تَطَيَّرَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّل (١) . قَال النَّوَوِيُّ: كَانَتْ تَصُدُّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْوْقَاتِ عَنْ مَصَالِحِهِمْ، فَنَفَى الشَّرْعُ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ وَنَهَى عَنْهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ بِنَفْعٍ وَلاَ بِضُرٍّ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ طِيَرَةَ (٢) . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ أَيْ: اعْتِقَادُ أَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ تَضُرُّ إِذَا عَمِلُوا بِمُقْتَضَاهَا مُعْتَقِدِينَ تَأْثِيرَهَا فَهُوَ شِرْكٌ لأَِنَّهُمْ جَعَلُوا لَهَا أَثَرًا فِي الْفِعْل وَالإِْيجَادِ، وَأَمَّا الْفَأْل، وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ الصَّالِحَةِ وَالْحَسَنَةِ وَالطَّيِّبَةِ.

قَال الْعُلَمَاءُ: يَكُونُ الْفَأْل فِيمَا يَسُرُّ وَفِيمَا يَسُوءُ، وَالْغَالِبُ فِي السُّرُورِ، وَالطِّيَرَةُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِيمَا يَسُوءُ. قَالُوا: وَقَدْ يُسْتَعْمَل مَجَازًا فِي السُّرُورِ يُقَال: تَفَاءَلْتُ بِكَذَا، بِالتَّخْفِيفِ، وَتَفَأَّلْت بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ الأَْصْل.

قَال الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا أُحِبُّ الْفَأْل لأَِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا أَمَّل فَائِدَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلَهُ عِنْدَ سَبَبٍ قَوِيٍّ أَوْ ضَعِيفٍ، فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ فِي الْحَال وَإِنْ غَلَطَ فِي جِهَةِ الرَّجَاءِ، فَالرَّجَاءُ لَهُ


(١) حديث: " الطيرة شرك ". أخرجه أحمد (١ / ٣٨٩، ٤٣٨ - ط الميمنية) ، وأبو داود (٤ / ٢٣٠ - تحقيق عزت عبيد الدعاس) ، والترمذي (٤ / ١٦١ - ط الحلبي) . وقال: حسن صحيح) . وقال الحافظ: وقوله: " وما منا إلا " من كلام ابن مسعود أدرج في الخبر (الفتح ١٠ / ٢١٤ ط السلفية) .
(٢) حديث: " لا طيرة " تقدم تخريجه ف١.