للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْنْصَافِ: إِنْ شَقَّ نَقْلُهُ جَازَ إِبْقَاؤُهُ، وَإِلاَّ فَلاَ (١) .

وَيُؤْخَذُ مِنَ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ فِي الْبَقَاءِ وَعَدَمِهِ هُوَ الْمَشَقَّةُ، وَالْقَوَاعِدُ الْعَامَّةُ لِلشَّرِيعَةِ لاَ تَخْتَلِفُ مَعَ مَا نُقِل عَنِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

مَا يُشْتَرَطُ لِدُخُول الْكُفَّارِ أَرْضَ الْعَرَبِ:

١٧ - لَيْسَ لِلْكَافِرِ أَنْ يَدْخُل لِلإِْقَامَةِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، عَلَى الأَْقْوَال الْمُتَقَدِّمَةِ فِي تَفْسِيرِهَا. وَلَيْسَ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْقِدَ الذِّمَّةَ لِكَافِرٍ بِشَرْطِ الإِْقَامَةِ بِهَا. وَحِينَئِذٍ إِنْ شَرَطَ هَذَا فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ، يَبْطُل الشَّرْطُ، فَلاَ يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ. لَكِنْ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الذِّمَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا الذِّمِّيُّ لِلتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا، فِي حُدُودِ الأَْيَّامِ الثَّلاَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْقِدِ الذِّمَّةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَلاَ يَجُوزُ دُخُولُهُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ دُخُول سَائِرِ الْكُفَّارِ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ إِلاَّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ. كَمَا أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ لاَ يَدْخُلُونَ سَائِرَ بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ إِلاَّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.

وَمَنْ دَخَل مِنْهُمْ دُونَ إِذْنٍ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُخْرَجُ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّمَا يُعَزَّرُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْمَنْعِ. فَإِنْ كَانَ جَاهِلاً يُخْرَجُ وَلاَ يُعَزَّرُ، وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْجَهْل.

وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الإِْذْنَ فِي دُخُول أَهْل الذِّمَّةِ الْحِجَازَ (٢) .


(١) كشاف القناع ٣ / ١٣٧، والإنصاف ٤ / ٢٤١
(٢) الأم للشافعي ٤ / ١٧٨، ونهاية المحتاج ٨ / ٨٦، وأحكام أهل الذمة ١ / ١٨٧، وكشاف القناع ٣ / ١٠٧، ١٣٥ ط أنصار السنة المحمدية، وحاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٥، والشرح الصغير ١ / ٣٦٧