للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكُفْرِ، كَمَا فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَمُشْرِكُو الْعَرَبِ لاَ يُقْبَل مِنْهُمْ إِلاَّ الإِْسْلاَمُ أَوِ السَّيْفُ (١) . وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الأَْرْضُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا مِمَّا كَانَ مَعْمُورًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ كَانَ مَوَاتًا وَأُحْيِيَ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَقَال الإِْمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ: أَرْضُ الْعَرَبِ مُخَالِفَةٌ لأَِرْضِ الأَْعَاجِمِ، مِنْ قِبَل أَنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا يُقَاتَلُونَ عَلَى الإِْسْلاَمِ، لاَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ.

فَإِنْ عَفَا لَهُمُ الإِْمَامُ عَنْ بِلاَدِهِمْ فَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ.

وَلاَ نَعْلَمُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ، أَوِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، أَخَذُوا مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ جِزْيَةً، إِنَّمَا هُوَ الإِْسْلاَمُ أَوِ الْقَتْل (٢) .

وَيَرَى أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلإِْمَامِ تَحْوِيل أَرْضِ الْعَرَبِ مِنَ الْعُشْرِ إِلَى الْخَرَاجِ. يَقُول: أَرْضُ الْحِجَازِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَأَرْضُ الْيَمَنِ، وَأَرْضُ الْعَرَبِ الَّتِي افْتَتَحَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يُزَادُ عَلَيْهَا وَلاَ يُنْقَصُ مِنْهَا؛ لأَِنَّهُ شَيْءٌ قَدْ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يَحِل لِلإِْمَامِ أَنْ يُحَوِّلَهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ حُصُونًا مِنَ الأَْرْضِ الْعَرَبِيَّةِ فَوَضَعَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ، وَلَمْ يَجْعَل عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا خَرَاجًا. وَكَذَلِكَ قَوْل أَصْحَابِنَا فِي تِلْكَ الأَْرْضِينَ، أَلاَ تَرَى أَنَّ مَكَّةَ وَالْحَرَمَ كَذَلِكَ؟ أَوَلاَ تَرَى أَنَّ الْعَرَبَ مِنْ عَبَدَةِ الأَْوْثَانِ حُكْمُهُمُ الْقَتْل أَوِ الإِْسْلاَمُ، وَلاَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ؟ وَهَذَا خِلاَفُ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهِمْ فَكَذَلِكَ أَرْضُ الْعَرَبِ.

وَقَدْ جَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْل الْيَمَنِ - يُرَى أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، الْخَرَاجَ عَلَى رِقَابِهِمْ -


(١) فتح القدير ٥ / ٢٧٨، وابن عابدين ٣ / ٢٢٩
(٢) الخراج ص ٦٦ ط ٣ السلفية.