للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَأْنِهِ أَنْ يُعْمَل لِلَّهِ، وَلِذَلِكَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يُحْسِنُ إِلَى الضُّعَفَاءِ دُونَ أَنْ يَنْتَظِرَ مِنْهُمْ شُكْرًا أَوْ جَزَاءً قَال تَعَالَى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا (١) } قَال مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَمَا وَاللَّهِ مَا قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِهِ لِيَرْغَبَ فِي ذَلِكَ رَاغِبٌ (٢) وَلَوْ أَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى الْمَعْرُوفِ لَمْ يَحْرُمْ.

وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ شَهِدَ لأَِبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَال لَهُ: أَوَلاَ تَحْمَدُنِي عَلَى مَا شَهِدْتَ الْحَقَّ (٣) ؟

قَال الرَّازِيَّ: الإِْحْسَانُ إِلَى الْغَيْرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، إِمَّا طَلَبًا لِمُكَافَأَةٍ، أَوْ طَلَبًا لِحَمْدٍ أَوْ ثَنَاءٍ. وَتَارَةً يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِغَيْرِهِ.

وَالنَّوْعُ الأَْوَّل هُوَ الْمَقْبُول عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالأَْخِيرُ هُوَ الشِّرْكُ. أهـ (٤) .

وَلَيْسَ هُوَ الشِّرْكَ الْمُخْرِجَ عَنِ الْمِلَّةِ بَل هُوَ الشِّرْكُ فِي الْقَصْدِ وَهُوَ يُحْبِطُ الْعَمَل الَّذِي


(١) سورة الإنسان / ٨، ٩.
(٢) تفسير ابن كثير ٤ / ٤٥٥، والقرطبي ١٩ / ١٣٠.
(٣) تفسير ابن كثير ١ / ٤٣٧.
(٤) تفسير الرازي ٣٠ / ٢٤٦.