للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، وَيُضِيفُونَ التَّأْثِيرَ إِلَيْهَا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ. قَال الْجَصَّاصُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ تَسَمَّتْ بِالصَّابِئَةِ، وَهُمُ الْفَلاَسِفَةُ الْحَرَّانِيُّونَ الَّذِينَ بِنَاحِيَةِ حَرَّانَ (١) . وَهُمْ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ، وَلاَ يَنْتَمُونَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ، وَلاَ يَنْتَحِلُونَ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، فَهَؤُلاَءِ لَيْسُوا أَهْل كِتَابٍ. وَذَكَرَهُمُ الْمَسْعُودِيُّ وَأَنَّ لَهُمْ سَبْعَةَ هَيَاكِل بِأَسْمَاءِ الزَّهْرَةِ وَالْمِرِّيخِ وَالْمُشْتَرَى وَزُحَل وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ فِي زَمَانِهِ.

وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُمُ الشَّهْرِسْتَانِيُّ وَأَطْنَبَ فِي بَيَانِ اعْتِقَادَاتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ. وَذَكَرَهُمُ ابْنُ النَّدِيمِ فِي فَهْرَسَتِهِ، وَذَكَرَ قُرَاهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ وَمَعَابِدَهُمْ، وَنَقَل عَنِ الْمُؤَلِّفِينَ النَّصَارَى: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُمْ الصَّابِئَةَ، وَأَنَّ الْمَأْمُونَ مَرَّ بِدِيَارِ مُضَرَ فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحَرْنَانِيِّينَ، فَأَنْكَرَ الْمَأْمُونُ زِيَّهُمْ. فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا يَهُودًا وَلاَ نَصَارَى وَلاَ مَجُوسًا أَنْظَرَهُمْ إِلَى رُجُوعِهِ مِنْ سَفْرَتِهِ، وَقَال: إِنْ أَنْتُمْ دَخَلْتُمْ فِي الإِْسْلاَمِ، أَوْ فِي دِينٍ مِنْ هَذِهِ الأَْدْيَانِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَإِلاَّ أَمَرْتُ بِقَتْلِكُمْ. وَرَحَل عَنْهُمْ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَهِيَ رِحْلَتُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا.


(١) حران بلد بديار مضر بينها وبين الرقة يومان وهي على الطريق بين الموصل والشام (معجم البلدان ٢ / ٢٣٥) .