للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْلِمٍ: الإِْذْنُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: الإِْذْنُ الصَّرِيحُ فِي النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالثَّانِي: الإِْذْنُ الْمَفْهُومُ مِنَ اطِّرَادِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَإِعْطَاءِ السَّائِل كَعُمْرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ فِيهِ، وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ بِهِ، فَإِذْنُهُ فِي ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ (١) .

وَمِثْلُهُ مَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حَيْثُ قَال: وَيَحْتَمِل عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَحْمُولاً عَلَى الْعَادَةِ. وَأَنَّهَا إِذَا عَلِمَتْ مِنْهُ، أَنَّهُ لاَ يَكْرَهُ الْعَطَاءَ وَالصَّدَقَةَ فَعَلَتْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُجْحِفْ، وَعَلَى ذَلِكَ عَادَةُ النَّاسِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَيْرَ مُفْسِدَةٍ (٢)

وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: الإِْذْنُ الْعُرْفِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الإِْذْنِ الْحَقِيقِيِّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَال لَهَا: افْعَلِي هَذَا (٣)

وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ التَّصَدُّقُ مِنْ مَال زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا، لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: لاَ تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ: وَلاَ الطَّعَامَ؟ قَال: ذَاكَ


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٧ / ١١٢.
(٢) شرح الترمذي لابن العربي ٣ / ١٧٧، ١٧٨.
(٣) المغني لابن قدامة ٤ / ٥١٦.