للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ، إِذْ غَالِبُ النَّاسِ لاَ يُمَيِّزُونَ النُّقُودَ؛ وَلأَِنَّ التَّقَابُضَ قَدْ حَصَل بَيْنَهُمَا قَبْل ذَلِكَ (١) . فَلَمْ يَكُونَا بِفِعْلِهِمَا هَذَا مُخَالِفَيْنِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ (٢) وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ لاَ يُسَامَحُ فِيهِ فِي الصَّرْفِ لَوَقَعَ النَّاسُ بِذَلِكَ فِي حَرَجٍ شَدِيدٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٣) .

الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ:

١٠ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ فِي الصَّرْفِ، فَلَوْ وَكَّل الْمُتَصَارِفَانِ مَنْ يَقْبِضُ لَهُمَا، أَوْ وَكَّل أَحَدُهُمَا مَنْ يَقْبِضُ لَهُ، فَتَقَابَضَ الْوَكِيلاَنِ، أَوْ تَقَابَضَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ وَوَكِيل الآْخَرِ قَبْل تَفَرُّقِ الْمُوَكَّلَيْنِ، أَوْ قَبْل تَفَرُّقِ الْمُوَكَّل وَالْعَاقِدِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُوَكِّل جَازَ الْعَقْدُ، وَصَحَّ الْقَبْضُ؛ لأَِنَّ قَبْضَ الْوَكِيل كَقَبْضِ مُوَكِّلِهِ. وَإِنِ افْتَرَقَ الْمُوَكَّلاَنِ، أَوِ الْمُوَكَّل وَالْعَاقِدُ الثَّانِي قَبْل الْقَبْضِ، بَطَل الصَّرْفُ، افْتَرَقَ الْوَكِيلاَنِ أَوْ لاَ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الاِفْتِرَاقِ الْمُخِل لِلصَّرْفِ هُوَ افْتِرَاقُ الْعَاقِدَيْنِ لاَ الْوَكِيلَيْنِ (٤)


(١) مواهب الجليل ٤ / ٣٠٣.
(٢) حديث: " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء ". تقدم تخريجه ف ٦.
(٣) سورة الحج (٧٨) .
(٤) البدائع ٥ / ٥١٦، الاختيار ٢ / ٣٩، ومغني المحتاج ٢ / ٢٢، وكشاف القناع ٣ / ٢٦٦.