للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأَِنَّ الاِسْتِثْنَاءَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ إِخْرَاجَ بِهِ، إِذْ لَمْ يَدْخُل الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَصْلاً حَتَّى يَكُونَ مُخْرَجًا. فَالاِسْتِثْنَاءُ لِمَنْعِهِ مِنَ الدُّخُول (١) ، وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الاِسْتِثْنَاءَ أَيْضًا بِمَعْنَى قَوْل: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ " فِي كَلاَمٍ إِنْشَائِيٍّ أَوْ خَبَرِيٍّ (٢) .

وَهَذَا النَّوْعُ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً حَقِيقِيًّا بَل هُوَ مِنْ مُتَعَارَفِ النَّاسِ. فَإِنْ كَانَ بِإِلاَّ وَنَحْوِهَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ حَقِيقِيٌّ، أَوِ " اسْتِثْنَاءٌ وَضْعِيٌّ (٣) "، كَأَنْ يَقُول: لاَ أَفْعَل كَذَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ: لأََفْعَلَنَّ كَذَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَمِنَ الْعُرْفِيِّ قَوْل النَّاسِ: إِنْ يَسَّرَ اللَّهُ، أَوْ إِنْ أَعَانَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ.

وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا التَّعْلِيقُ - وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ إِلاَّ - اسْتِثْنَاءً لِشِبْهِهِ بِالاِسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِل فِي صَرْفِهِ الْكَلاَمَ السَّابِقَ لَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ (٤) .

وَالاِسْتِثْنَاءُ الْمَعْنَوِيُّ هُوَ: الإِْخْرَاجُ مِنَ الْجُمْلَةِ بِغَيْرِ أَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ، كَقَوْل الْمُقِرِّ: " لَهُ الدَّارُ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا لِي ". وَإِنَّمَا أَعْطَوْهُ حُكْمَ الاِسْتِثْنَاءِ؛ لأَِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: " لَهُ جَمِيعُ الدَّارِ إِلاَّ هَذَا الْبَيْتِ (٥) ".

وَالاِسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ يُقْصَدُ بِهِ أَنْ يُرِدَ التَّصَرُّفَ مَثَلاً عَلَى عَيْنٍ فِيهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ، كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَإِنَّ الإِْجَارَةَ لاَ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، فَكَأَنَّ الْبَيْعَ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ بِاسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَتِهَا مُدَّةَ الإِْجَارَةِ.

وَهَذَا الإِْطْلاَقُ قَلِيلٌ فِي مُتَعَارَفِ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلسُّيُوطِيِّ


(١) التوضيح ومعه التلويح على التوضيح ٢ / ٢٠ صببح.
(٢) المغني ٧ / ٣٥١
(٣) حاشية ابن عابدين ٢ / ٥١٤
(٤) المغني ٥ / ١٥٥ ط الرياض
(٥) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤١١