للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا الْجَلْدُ فَاتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالتَّوْبَةِ لأَِجْل الدَّلِيل الْمَانِعِ مِنْ تَعَلُّقِ الاِسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١) وَالْمَانِعُ هُوَ كَوْنُ الْجَلْدِ حَقًّا لِلآْدَمِيِّ، وَحَقُّ الآْدَمِيِّ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ.

الاِسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الْمُفْرَدَاتِ الْمُتَعَاطِفَةِ:

١٢ - إِنْ كَانَ الاِسْتِثْنَاءُ بَعْدَ مُفْرَدَاتٍ مُتَعَاطِفَةٍ فَالْخِلاَفُ فِيهِ كَالْخِلاَفِ فِي الْجُمَل، وَلَكِنْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ أَوْلَى بِعَوْدِهِ لِلْكُل مِنَ الْوَارِدِ بَعْدَ الْجُمَل الْمُتَعَاطِفَةِ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِقْلاَل الْمُفْرَدَاتِ. نَحْوُ: تَصَدَّقْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل إِلاَّ الْفَسَقَةَ مِنْهُمْ.

الاِسْتِثْنَاءُ الْعُرْفِيُّ بَعْدَ الْمُتَعَاطِفَاتِ:

١٣ - أَمَّا الاِسْتِثْنَاءُ الْعُرْفِيُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ إِذَا تَعَقَّبَ جُمَلاً نَحْوَ: وَاَللَّهِ لاَ آكُل وَلاَ أَشْرَبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ اتِّفَاقًا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ وَلَيْسَ مِنْ حَقِيقَةِ الاِسْتِثْنَاءِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ تَقْدِيرًا؛ لأَِنَّ لَهُ صَدْرَ الْكَلاَمِ بِاتِّفَاقِ النُّحَاةِ، فَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالأَْوَّل؛ لأَِنَّهُ مُقَارِنٌ لَهُ تَقْدِيرًا. بِخِلاَفِ الاِسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ مُؤَخَّرٌ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا (٢) .

الاِسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الاِسْتِثْنَاءِ:

١٤ - هَذَا النَّوْعُ مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ:

الأَْوَّل: الاِسْتِثْنَاءَاتُ الْمُتَعَدِّدَةُ الْمُتَعَاطِفَةُ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلاَّ أَرْبَعَةً، وَإِلاَّ ثَلاَثَةً، وَإِلاَّ اثْنَيْنِ.


(١) سورة النور / ٤
(٢) مسلم الثبوت وشرحه ١ / ٣٣٢ - ٣٣٨، وشرح جمع الجوامع ٢ / ١٧ - ١٩، وروضة الناظر ص ١٣٥، والتمهيد للأسنوي ٣٩٢ - ٣٩٣