للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: يَنْفَعُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمَحْلُوفُ لَهُ. (١)

وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ لِلاِسْتِثْنَاءِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ غَيْرَهُ، وَإِلاَّ فَالْقَوْل قَوْل خَصْمِهِ فِي النَّفْيِ، وَحَكَمَ بِالْوُقُوعِ إِذَا حَلَفَ الْخَصْمُ عَلَى نَفْيِ الاِسْتِثْنَاءِ.

هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، أَمَّا فِيمَا عَدَاهُ فَيَكْفِي أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، إِنِ اعْتَدَل سَمْعُهُ وَلاَ عَارِضَ، وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (٢) .

وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْحَنَابِلَةِ تَعَرُّضٌ لِصِفَةِ النُّطْقِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الاِسْتِثْنَاءِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِي نِيَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ بِالْقَلْبِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَنْطُوقُ بِهِ عَامًّا، كَقَوْلِهِ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ وَاحِدَةً، فَيَكُونُ لَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ دِيَانَةً لاَ قَضَاءً؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ " نِسَائِي " اسْمٌ عَامٌّ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَصًّا فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ لاَ يَحْتَمِل غَيْرَهُ كَالْعَدَدِ، فَلاَ يَرْتَفِعُ بِالنِّيَّةِ مَا ثَبَتَ بِاللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ: نِسَائِي الأَْرْبَعُ أَوِ الثَّلاَثُ طَوَالِقُ، فَلاَ يُقْبَل اسْتِثْنَاؤُهُ ظَاهِرًا، وَقِيل لاَ يُقْبَل وَلاَ بَاطِنًا (٣) .

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ بِالطَّلاَقِ وَاسْتَثْنَى فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاؤُهُ مَسْمُوعًا، وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُسْمَعَ، بِحَيْثُ لَوْ قَرَّبَ شَخْصٌ أُذُنَهُ إِلَى فَمِهِ يَسْمَعُ اسْتِثْنَاءَهُ، وَلَوْ حَال دُونَ سَمَاعِ الْمُنْشِئِ لِلْكَلاَمِ صَمَمٌ أَوْ كَثْرَةُ أَصْوَاتٍ. وَفِي قَوْل الْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ


(١) المواق بهامش الحطاب ٣ / ٢٦٨
(٢) نهاية المحتاج ٦ / ٤٥٦، وحواشي تحفة المحتاج للشرواني ٧ / ٦٢
(٣) كشاف القناع ٥ / ٢٧٢، والمغني ٧ / ١٥٨ ط ٣