للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَابِعًا: التَّقْصِيرُ فِي حِفْظِ الصَّوْمِ وَالْجَهْل بِهِ:

الأَْوَّل: التَّقْصِيرُ:

٥٤ - أ - مِنْ صُوَرِ التَّقْصِيرِ مَا لَوْ تَسَحَّرَ أَوْ جَامَعَ، ظَانًّا عَدَمَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْحَال أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَذَلِكَ لِلشُّبْهَةِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ اللَّيْل، وَالْجِنَايَةُ قَاصِرَةٌ، وَهِيَ جِنَايَةُ عَدَمِ التَّثَبُّتِ، لاَ جِنَايَةُ الإِْفْطَارِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِعَدَمِ الإِْثْمِ عَلَيْهِ.

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - أَنَّهُ لاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ (١) .

وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ، لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - وَقِيل: يَقْضِي احْتِيَاطًا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا أَفْطَرَ بِظَنِّ الْغُرُوبِ، وَالْحَال أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ - عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ النَّهَارِ، وَابْنُ نُجَيْمٍ فَرَّعَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى قَاعِدَةِ: الْيَقِينُ لاَ يَزُول بِالشَّكِّ (٢) .


(١) الإنصاف ٣ / ٣١١.
(٢) انظر الأشباه والنظائر (ص ٥٨ ط بيروت) ، ومراقي الفلاح ص ٣٦٩، والدر المختار ورد المحتار ٢ / ١٠٤ و ١٠٥، والبدائع ٢ / ١٠٠، وجواهر الإكليل ١ / ١٥٠، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ١ / ٥٢٦، والقوانين الفقهية ص ٨١، وروضة الطالبين ٢ / ٣٦٣، وشرح المحلي على المنهاج ٢٠ / ٥٩.