للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُكْتَرِي إِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ وَفَعَل مَا يَجُوزُ لَهُ، فَلَوِ اكْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ، فَلَهُ أَخْذُ النَّقْصِ إِنْ وَجَدَهُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنَ الْهَادِمِ، أَيْ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ الْهَدْمُ مِنَ الْبِنَاءِ (١) .

اسْتِحْقَاقُ الأُْجْرَةِ:

٢٩ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأُْجْرَةَ لَوِ اسْتُحِقَّتْ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مِثْلِيَّةً أَوْ عَيْنًا قِيَمِيَّةً، فَإِنْ كَانَتِ الأُْجْرَةُ عَيْنًا قِيَمِيَّةً وَاسْتُحِقَّتْ بَطَلَتِ الإِْجَارَةُ، وَتَجِبُ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ (أَجْرُ الْمِثْل) لاَ قِيمَةُ الْبَدَل، وَإِنْ كَانَتِ الأُْجْرَةُ مِثْلِيَّةً لَمْ تَبْطُل الإِْجَارَةُ وَيَجِبُ الْمِثْل. فَلَوْ دَفَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أُجْرَةً فَاسْتُحِقَّتْ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَشَرَةٌ مِثْلُهَا لاَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ (٢) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ اسْتُحِقَّتِ الأُْجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ مِنْ يَدِ الْمُؤَجِّرِ، كَالدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ قَبْل حَرْثِ الأَْرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ أَوْ قَبْل زَرْعِهَا، فَإِنَّ الإِْجَارَةَ تَنْفَسِخُ مِنْ أَصْلِهَا، وَيَأْخُذُ الأَْرْضَ صَاحِبُهَا، وَإِنِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ حَرْثِ الأَْرْضِ أَوْ زَرْعِهَا فَإِنَّ الإِْجَارَةَ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لاَ تَنْفَسِخُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ مَالَهُ مِنَ الْمُؤَجِّرِ، وَلَمْ يُجِزِ الإِْجَارَةَ، كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْل، وَتَبْقَى الأَْرْضُ لَهُ، كَمَا كَانَتْ أَوَّلاً.

وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الْمُسْتَحِقُّ مَالَهُ مِنَ الْمُؤَجِّرِ وَأَبْقَاهُ لَهُ وَأَجَازَ الإِْجَارَةَ، فَإِنْ دَفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةَ حَرْثِهِ كَانَ الْحَقُّ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الأَْرْضِ مُدَّةَ الإِْجَارَةِ، وَإِنْ أَبَى الْمُسْتَحِقُّ دَفْعَ أُجْرَةِ الْحَرْثِ قِيل لِلْمُسْتَأْجِرِ: ادْفَعْ


(١) التاج والإكليل ٥ / ٣٠٣
(٢) الفتاوى البزازية ٥ / ٤٣٨، وجامع الفصولين ١ / ١٦٣