للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَصْدِ، فَكَانَ كَالْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ، فَإِذَا كَانَ الإِْكْرَاهُ ضَعِيفًا، أَوْ ثَبَتَ عَدَمُ تَأَثُّرِ الْمُكْرَهِ بِهِ، وَقَعَ طَلاَقُهُ لِوُجُودِ الاِخْتِيَارِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى وُقُوعِ طَلاَقِ الْمُكْرَهِ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ مُخْتَارٌ لَهُ بِدَفْعِ غَيْرِهِ عَنْهُ بِهِ، فَوَقَعَ الطَّلاَقُ لِوُجُودِ الاِخْتِيَارِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الإِْكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلاَقِ بِحَقٍّ، كَالْمُولِي إِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِْيلاَءِ بِدُونِ فَيْءٍ فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الطَّلاَقِ فَطَلَّقَ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِالإِْجْمَاعِ (١) .

ج - الْغَضْبَانُ:

٢٢ - الْغَضَبُ: حَالَةٌ مِنْ الاِضْطِرَابِ الْعَصَبِيِّ، وَعَدَمِ التَّوَازُنِ الْفِكْرِيِّ، تَحِل بِالإِْنْسَانِ إِذَا عَدَا عَلَيْهِ أَحَدٌ بِالْكَلاَمِ أَوْ غَيْرِهِ. وَالْغَضَبُ لاَ أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ الإِْنْسَانِ الْقَوْلِيَّةِ، وَمِنْهَا الطَّلاَقُ، إِلاَّ أَنْ يَصِل الْغَضَبُ إِلَى دَرَجَةِ الدَّهَشِ، فَإِنْ وَصَل إِلَيْهَا لَمْ يَقَعْ طَلاَقُهُ، لأَِنَّهُ يُصْبِحُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. وَالْمَدْهُوشُ هُوَ: مَنْ غَلَبَ الْخَلَل فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ الْخَارِجَةِ عَنْ عَادَتِهِ بِسَبَبِ غَضَبٍ اعْتَرَاهُ.

وَقَسَّمَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْغَضَبَ أَقْسَامًا ثَلاَثَةً نَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ عَابِدِينَ وَعَلَّقَ عَلَيْهَا فَقَال:


(١) الدر المختار ٣ / ٢٣٠، ومغني المحتاج ٣ / ٢٨٩، والدسوقي ٢ / ٣٦٧، والمغني ٧ / ١١٨.