للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَكُونَ انْقِبَاضًا عَنِ الْقَبَائِحِ. وَقَدْ وَرَدَ الاِسْتِحْيَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي عَدَدٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، مِنْهَا قَوْلُهُ جَل شَأْنُهُ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوَك لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (١) وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَل فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (٢) وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي سُورَةِ الأَْحْزَابِ {وَاَللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (٣)

وَالاِسْتِحْيَاءُ - بِهَذَا الْمَعْنَى - مُرَغَّبٌ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (حَيَاء) .

ب - بِمَعْنَى الإِْبْقَاءِ عَلَى الْحَيَاةِ، فَيُقَال: اسْتَحْيَيْتُ فُلاَنًا إِذَا تَرَكْتُهُ حَيًّا وَلَمْ أَقْتُلْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ: {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} (٤) أَيْ يُبْقِيهِمْ أَحْيَاءً (٥) .

وَاسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ كَلِمَةَ اسْتِحْيَاءٍ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَقَالُوا فِي الْبِكْرِ: تُسْتَأْذَنُ فِي النِّكَاحِ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا، لأَِنَّهَا تَسْتَحْيِي مِنَ النُّطْقِ.

وَقَالُوا فِي الأَْسْرَى يَقَعُونَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ: إِنْ شَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَحْيَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ.

وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ عَنِ الاِسْتِحْيَاءِ بِلَفْظِ الإِْبْقَاءِ عَلَى الْحَيَاةِ، فَيَقُولُونَ فِي الصَّغِيرِ يَأْبَى الرَّضَاعَ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ: تُجْبَرُ أُمُّهُ عَلَى إِرْضَاعِهِ إِبْقَاءً عَلَى حَيَاتِهِ


(١) سورة القصص / ٢٥
(٢) سورة البقرة / ٢٦
(٣) سورة الأحزاب / ٥٣
(٤) سورة القصص / ٤
(٥) انظر في ذلك لسان العرب، ومفردات الراغب الأصفهاني، وتفسير النسفي للآية ٥٣ من سورة الأحزاب، والآية ٤ من سورة القصص.