للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ الْحَال فِي طَلَبِ الزَّادِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ، أَوْ فِي دَفْعِ الصَّائِل عَلَى النَّفْسِ (١) .

وَإِنْ كَانَ فِي إِحْيَاءِ نَفْسِهِ إِتْلاَفٌ لِنَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الإِْقْدَامُ عَلَى هَذَا الإِْتْلاَفِ إِحْيَاءً لِنَفْسِهِ؛ لأَِنَّ الضَّرَرَ لاَ يُزَال بِضَرَرٍ مِثْلِهِ.

ثَانِيهُمَا: عَدَمُ الإِْقْدَامِ عَلَى إِمَاتَةِ نَفْسِهِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ أَوْ غَيْرِ مُبَاشِرٍ، أَمَّا إِمَاتَةُ نَفْسِهِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ كَمَا إِذَا بَعَجَ بَطْنَهُ بِحَدِيدَةٍ، أَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ لِيَمُوتَ، فَمَاتَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَسُمُّهُ بِيَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ وَجَأَ بَطْنَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا (٢) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، أَوْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ، عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى الاِنْتِحَارِ (ر: انْتِحَار) .

وَأَمَّا إِمَاتَةُ نَفْسِهِ بِشَكْلٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ، كَمَا إِذَا اقْتَحَمَ عَدُوًّا، أَوْ مَجْمُوعَةً مِنَ اللُّصُوصِ، وَهُوَ مُوقِنٌ أَنَّهُ مَقْتُولٌ لاَ مَحَالَةَ، دُونَ أَنْ يَقْتُل مِنْهُمْ أَحَدًا، أَوْ يُوقِعَ فِيهِمْ نِكَايَةً، أَوْ يُؤَثِّرَ فِيهِمْ أَثَرًا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ؛ لأَِنَّ هَذَا إِلْقَاءٌ لِلنَّفْسِ فِي التَّهْلُكَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٣) ، وَمَحَل تَفْصِيل ذَلِكَ كِتَابُ الْجِهَادِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (ر: جِهَاد) .

٥ - وَاسْتِحْيَاءُ نَفْسِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى اسْتِحْيَاءِ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ


(١) المغني ٨ / ٣٢٨
(٢) حديث (من تردى. . .) أخرجه مسلم ١ / ١٠٣ - ١٠٤ ط عيسى الحلبي.
(٣) سورة البقرة / ١٩٥، وانظر تفسبر القرطبي لهذه الآية الكريمة ٢ / ٣٦٣ - ٣٦٤ طبع دار الكتب المصربة.