للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَوَاهِرَ مُتَنَاهِيَةٍ، فَإِذَا انْتَهَتْ أَجْزَاؤُهَا بَقِيَ الْمَحَل طَاهِرًا لِعَدَمِ الْمُجَاوَرَةِ (١) .

وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَةِ الْخَمْرِ بِالاِسْتِحَالَةِ، فَإِذَا انْقَلَبَتِ الْخَمْرُ خَلًّا بِنَفْسِهَا فَإِنَّهَا تَطْهُرُ، لأَِنَّ نَجَاسَتَهَا لِشِدَّتِهَا الْمُسْكِرَةِ الْحَادِثَةِ لَهَا، وَقَدْ زَال ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَفَتْهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَطْهُرَ، كَالْمَاءِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالتَّغَيُّرِ إِذَا زَال تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ (٢) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ (٣) ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُبِغَ الإِْهَابُ فَقَدْ طَهُرَ (٤) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ (٥) . لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَال: أَتَانَا كِتَابُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، قَال: وَأَنَا غُلاَمٌ - قَبْل وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ (٦) .


(١) فتح القدير ١ / ١٣٣، تبيين الحقائق ١ / ٦٩، ٧٠، الشرح الكبير ١ / ٣٣، ٣٤، القليوبي وعميرة ١ / ١٨ كشاف القناع ١ / ٢٥، ١٨١.
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٠٩، حاشية الدسوقي ١ / ٥٢، القليوبي وعميرة ١ / ٧٢ كشاف القناع ١ / ١٨٦، ١٨٧.
(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٠٩، القليوبي وعميرة ١ / ٧٢، ٧٣.
(٤) حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر ". أخرجه مسلم (١ / ٢٧٧) من حديث ابن عباس.
(٥) حاشية الدسوقي ١ / ٥٤، كشاف القناع ١ / ٥٤.
(٦) (٦) حديث عبد الله بن حكيم: " أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أحمد (٤ / ٣١٠) وأخرجه كذلك غيره، وأورده ابن حجر في التلخيص (١ / ٤٧ - ٤٨) وذكر أن فيه اضطرابا في سنده ومنته.