للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطَّوَافِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَهُوَ الأَْقَل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) .

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ (١) وَلأَِنَّهَا عِبَادَةٌ، فَمَتَى شَكَّ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَالصَّلاَةِ (٢) .

وَأَجْرَى الْمَالِكِيَّةُ (٣) ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ، فَقَالُوا: يَبْنِي الشَّاكُّ غَيْرُ " الْمُسْتَنْكِحِ (٤) عَلَى الأَْقَل، وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِل لِلْوَهْمِ، أَمَّا الشَّاكُّ الْمُسْتَنْكِحُ فَيَبْنِي عَلَى الأَْكْثَرِ.

وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِي الشَّكِّ فِي عَدَدِ الأَْشْوَاطِ بَيْنَ طَوَافِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ: أَمَّا طَوَافُ الْفَرْضِ كَالْعُمْرَةِ وَالزِّيَارَةِ وَالْوَاجِبِ كَالْوَدَاعِ فَقَالُوا: لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الأَْشْوَاطِ فِيهِ أَعَادَهُ، وَلاَ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ، وَلَعَل الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَثْرَةُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَنُدْرَةِ الطَّوَافِ.

أَمَّا غَيْرُ طَوَافِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَهُوَ النَّفَل فَإِنَّهُ إِذَا شَكَّ فِيهِ يَتَحَرَّى، وَيَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، وَيَبْنِي عَلَى الأَْقَل الْمُتَيَقَّنِ فِي


(١) المغني ٣ / ٣٧٨، وانظر المجموع ٨ / ٢٥.
(٢) انظر المرجعين السابقين، ونهاية المحتاج ٢ / ٤٠٩، ومغني المحتاج ١ / ٤٨٦ - ٤٨٧.
(٣) الشرح الكبير للدردير وحاشيته للدسوقي ٢ / ٣٣.
(٤) المراد بالمستنكح في مصطلح المالكية هو من يأتيه الشك في كل يوم ولو مرة.