للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - الْعُذْرُ فِي تَأْخِيرِ رَدِّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ:

٣٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا (١) ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَدُّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ فَأَخَّرَ الرَّدَّ لَمْ يَبْطُل خِيَارُهُ، حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا (٢) ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَسَكَتَ لِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ مَهْمَا سَكَتَ عَنِ الْمُطَالَبَةِ بِالرَّدِّ، فَهُوَ مَعْذُورٌ مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ (٣) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ فَلاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إِلاَّ بِعُذْرٍ، وَمِنَ الْعُذْرِ عِنْدَهُمْ: انْشِغَالُهُ بِصَلاَةٍ دَخَل وَقْتُهَا، أَوْ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ.

وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ تَرَاخَى لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفِ لِصٍّ، أَوْ حَيَوَانٍ مُفْتَرِسٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ؛ لأَِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ عِنْدَهُمْ عَلَى الْفَوْرِ، إِذِ الأَْصْل فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ، وَالْجَوَازُ عَارِضٌ؛ وَلأَِنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ


(١) رد المحتار ٤ / ٩٣، والمغني ٤ / ١٤٤، ومغني المحتاج ٢ / ٥٦.
(٢) رد المحتار ٤ / ٩٣، والمغني في الشرح الكبير ٤ / ٩٥.
(٣) الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ١٢١.