للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَثَرَ الإِْبَاحَةِ فِيهَا اخْتِصَاصُ الْمُبَاحِ لَهُ بِالاِنْتِفَاعِ، وَعِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ تَتَّفِقُ فِي أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي طَعَامِ الْوَلِيمَةِ قَبْل وَضْعِهِ فِي فَمِهِ لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِ الأَْكْل، إِلاَّ إِذَا أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الْوَلِيمَةِ أَوْ دَل عَلَيْهِ عُرْفٌ أَوْ قَرِينَةٌ. وَبِهَذَا تُفَارِقُ الإِْبَاحَةُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ بِأَنَّ فِيهِمَا تَمْلِيكًا، كَمَا أَنَّهَا تُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ تَكُونُ هَذِهِ مُضَافَةً إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ إِذْنِ الدَّائِنِينَ وَالْوَرَثَةِ أَحْيَانًا، كَمَا لاَ بُدَّ مِنْ صِيغَةٍ فِي الْوَصِيَّةِ. (١)

٢٥ - هَذِهِ هِيَ آثَارُ الإِْبَاحَةِ لِلأَْعْيَانِ فِي إِذْنِ الْعِبَادِ. أَمَّا آثَارُ الإِْبَاحَةِ لِلْمَنَافِعِ فَإِنَّ إِبَاحَتَهَا لاَ تُفِيدُ إِلاَّ حِل الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ. فَحَقُّ الاِنْتِفَاعِ الْمُجَرَّدِ مِنْ قَبِيل التَّرْخِيصِ بِالاِنْتِفَاعِ الشَّخْصِيِّ دُونَ الاِمْتِلاَكِ، وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ اخْتِصَاصٌ حَاجِزٌ لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ مَنَافِعِ الْمُؤَجِّرِ، فَهُوَ أَقْوَى وَأَشْمَل؛ لأَِنَّ فِيهِ حَقَّ الاِنْتِفَاعِ وَزِيَادَةً. وَآثَارُ ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَلَيْهَا.

الإِْبَاحَةُ وَالضَّمَانُ:

٢٦ - الإِْبَاحَةُ لاَ تُنَافِي الضَّمَانَ فِي الْجُمْلَةِ؛ لأَِنَّ إِبَاحَةَ اللَّهِ - وَإِنْ كَانَ فِيهَا رَفْعُ الْحَرَجِ وَالإِْثْمِ - إِلاَّ أَنَّهَا قَدْ يَكُونُ مَعَهَا ضَمَانٌ، فَإِبَاحَةُ الاِنْتِفَاعِ تَقْتَضِي صِيَانَةَ الْعَيْنِ الْمُبَاحَةِ عَنِ التَّخْرِيبِ وَالضَّرَرِ، وَمَا حَدَثَ مِنْ ذَلِكَ لاَ بُدَّ مِنْ ضَمَانِهِ. وَإِبَاحَةُ الأَْعْيَانِ


(١) الفتاوى الهندية ٥ / ٣٤٤، ٣٤٥، وحاشية البجيرمي على الخطيب ٣ / ٣٩١ ط الحلبي ١٩٥١، وحاشية البجيرمي على المنهج ٣ / ٤٣٤، ونهاية المحتاج ٢ / ٣٧٠ ط الحلبي ١٩٣٨ م، وبلغة السالك ٢ / ٥٢٩ ط الحلبي ١٩٥٢ م، وتهذيب الفروق ١ / ١٩٥، والمغني ٧ / ٢٨٨ ط مكتبة القاهرة.