للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَأَخْذِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ لاَ تَمْنَعُ ضَمَانَ قِيمَتِهِ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ جَعَل لِلْعَبْدِ حَقًّا فِي مِلْكِهِ، فَلاَ يُنْقَل الْمِلْكُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلاَّ بِرِضَاهُ، وَلاَ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ مِنْهُ إِلاَّ بِإِسْقَاطِهِ، كَمَا يَقُول الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ (١) .

وَحَكَى الْقَرَافِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لاَ يُضْمَنُ؛ لأَِنَّ الدَّفْعَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَالِكِ، وَالْوَاجِبُ لاَ يُؤْخَذُ لَهُ عِوَضٌ.

وَالْقَوْل الثَّانِي: يَجِبُ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ وَالأَْشْهَرُ؛ لأَِنَّ إِذْنَ الْمَالِكِ لَمْ يُوجَدْ، وَإِنَّمَا وُجِدَ إِذْنُ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَهُوَ لاَ يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ، وَإِنَّمَا يَنْفِي الإِْثْمَ وَالْمُؤَاخَذَةَ بِالْعِقَابِ.

أَمَّا إِبَاحَةُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَلَيْهَا مُفَصَّلاً.

مَا تَنْتَهِي بِهِ الإِْبَاحَةُ:

٢٧ - أَوَّلاً: إِبَاحَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لاَ تَنْتَهِي مِنْ جِهَتِهِ هُوَ؛ لأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ حَيٌّ بَاقٍ، وَالْوَحْيُ قَدِ انْقَطَعَ، فَلاَ وَحْيَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا تَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ دَوَاعِيهَا، كَمَا فِي الرُّخَصِ، فَإِذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَثَلاً وُجِدَتِ الإِْبَاحَةُ بِالتَّرْخِيصِ فِي الْفِطْرِ، فَإِذَا انْتَهَى السَّفَرُ انْتَهَتِ الرُّخْصَةُ.

٢٨ - ثَانِيًا: وَإِبَاحَةُ الْعِبَادِ تَنْتَهِي بِأُمُورٍ:

أ - انْتِهَاءُ مُدَّتِهَا إِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ، فَالْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، وَإِذَا فُقِدَ الشَّرْطُ فُقِدَ الْمَشْرُوطُ.

ب - رُجُوعُ الآْذِنِ فِي إِذْنِهِ، حَيْثُ إِنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا


(١)
١ / ١٩٥