للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِتِجَارَتِهِ إِلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي أُقِرَّ عَلَى الْمُقَامِ فِيهِ: كَالشَّامِيِّ يَنْتَقِل إِلَى مِصْرَ أَوِ الْعِرَاقِ أَوِ الْحِجَازِ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَلَى الذِّمِّيِّ إِنِ اتَّجَرَ نِصْفَ الْعُشْرِ فِي تِجَارَتِهِ يُؤَدِّيهِ فِي الْعَامِ مَرَّةً، كَمَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُ زَكَاةَ تِجَارَتِهِ وَهِيَ رُبْعُ الْعُشْرِ فِي كُل عَامٍ، فَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سِيَّانِ إِلاَّ فِي مِقْدَارِ الْعُشْرِ، وَقَالُوا: إِنَّ مَا يَدْفَعُهُ الذِّمِّيُّ هُوَ جِزْيَةٌ فِي مَالِهِ، كَمَا يُسَمَّى خَرَاجُ أَرْضِهِ جِزْيَةً، فَالْجِزْيَةُ عِنْدَهُمْ أَنْوَاعٌ: جِزْيَةُ مَالٍ، وَجِزْيَةُ أَرْضٍ، وَجِزْيَةُ رَأْسٍ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ بَعْضِهَا سُقُوطُ بَاقِيهَا إِلاَّ فِي بَنِي تَغْلِبَ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّينَ لِهَذَا الاِنْتِقَال؛ لأَِنَّهُمْ عُوهِدُوا عَلَى التِّجَارَةِ وَتَنْمِيَةِ أَمْوَالِهِمْ بِآفَاقِهِمُ الَّتِي اسْتَوْطَنُوهَا، فَإِذَا طَلَبُوا تَنْمِيَةَ أَمْوَالِهِمْ بِالتِّجَارَةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ حَقُّ غَيْرِ الْجِزْيَةِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَجْلِبُونَهُ إِلَى مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ لِحَاجَةِ أَهْل الْحَرَمَيْنِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا إِلَيْهِ (٢) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ


(١) ابن عابدين ٢ / ٤٠، والبدائع ٢ / ٣٧.
(٢) بلغة المسالك لأقرب المسالك ١ / ٣٧١.