للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَتَشْرِيعِهِ، وَهُوَ أَمْرٌ خَفِيٌّ لاَ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، فَأَقَامَ الشَّارِعُ مَقَامَهُ أَمْرًا ظَاهِرًا يَقْتَرِنُ بِهِ وَيَدُل عَلَى وُجُودِهِ وَهُوَ: الإِْيجَابُ وَالْقَبُول، وَالْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ لِلْحُكْمِ فِي الْقِصَاصِ وُقُوعُ الْقَتْل عَمْدًا وَعُدْوَانًا، فَإِذَا كَانَ الْقَتْل أَمْرًا ظَاهِرًا فَالتَّعَمُّدُ أَمْرٌ خَفِيٌّ، فَأَقَامَ الشَّارِعُ مَقَامَهُ مَا يَقْتَرِنُ بِهِ وَيَدُل عَلَيْهِ، وَهُوَ اسْتِعْمَال الآْلَةِ الَّتِي تُسْتَعْمَل عَادَةً فِي الْقَتْل (١) .

ب - أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَصْفًا مُنْضَبِطًا لاَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ مَوْصُوفِهِ، فَقَتْل الْوَارِثِ مُوَرَّثَهُ - الْمُؤَدِّي إِلَى الْحِرْمَانِ مِنْ إِرْثِ الْمَقْتُول - أَمْرٌ مَحْدُودٌ، لاَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْقَاتِل أَوِ الْمَقْتُول، وَالشِّدَّةُ الْمُؤَدِّيَةُ إِلَى السُّكْرِ فِي حُرْمَةِ الْخَمْرِ وَصْفٌ مَحْدُودٌ؛ لأَِنَّهَا فِي نَبِيذِ الْعِنَبِ مِثْلُهَا فِي نَبِيذِ الشَّعِيرِ أَوِ التَّمْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ فَيُقِيمُ الشَّارِعُ أَيْضًا مَقَامَهُ أَمْرًا مُنْضَبِطًا يَقْتَرِنُ بِهِ وَيَدُل عَلَيْهِ، كَإِبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، فَالْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ لإِِبَاحَةِ الْفِطْرِ الْمَشَقَّةُ وَهِيَ أَمْرٌ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ، فَقَدْ يُعَدُّ مَشَقَّةً عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ مَا لَيْسَ بِمَشَقَّةٍ عِنْدَ آخَرِينَ، فَأَقَامَ الشَّارِعُ مَقَامَهَا مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِلْمَشَقَّةِ فِي الأُْمُورِ الْمُنْضَبِطَةِ: وَهُوَ السَّفَرُ أَوِ الْمَرَضُ.


(١) المستصفى ٢ / ٣٣٥ وما بعدها.