للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكُونُ صَدَقَتُهُمْ بِدَافِعٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، لاَ بِأَمْرٍ مِنَ الإِْمَامِ.

آدَابٌ شَخْصِيَّةٌ:

١٢ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى آدَابٍ شَخْصِيَّةٍ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَهَا النَّاسُ قَبْل الاِسْتِسْقَاءِ، بَعْدَ أَنْ يَعِدَهُمُ الإِْمَامُ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ (١) فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلاِسْتِسْقَاءِ: التَّنَظُّفُ بِغُسْلٍ وَسِوَاكٍ؛ لأَِنَّهَا صَلاَةٌ يُسَنُّ لَهَا الاِجْتِمَاعُ وَالْخُطْبَةُ، فَشُرِعَ لَهَا الْغُسْل، كَصَلاَةِ الْجُمُعَةِ.

وَيُسْتَحَبُّ: أَنْ يَتْرُكَ الإِْنْسَانُ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ، فَلَيْسَ هَذَا وَقْتَ الزِّينَةِ، وَلَكِنَّهُ يَقْطَعُ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ، وَيَخْرُجُ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ، وَهِيَ ثِيَابُ مِهْنَتِهِ (٢) ، وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا خَاشِعًا مُتَذَلِّلاً مُتَضَرِّعًا مَاشِيًا، وَلاَ يَرْكَبُ فِي شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِهِ ذَهَابًا إِلاَّ لِعُذْرٍ، كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ. وَالأَْصْل فِي هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاضِعًا مُتَبَذِّلاً مُتَخَشِّعًا مُتَضَرِّعًا وَهِيَ مُسْتَحَبَّاتٌ لَمْ يَرِدْ فِيهَا خِلاَفٌ (٣) .

الاِسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ:

١٣ - قَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّ الاِسْتِسْقَاءَ هُوَ دُعَاءٌ وَاسْتِغْفَارٌ، وَلَيْسَ فِيهِ صَلاَةٌ مَسْنُونَةٌ فِي جَمَاعَةٍ. فَإِنْ صَلَّى النَّاسُ وُحْدَانًا جَازَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْتُ


(١) حديث عائشة تقدم فقرة (٣)
(٢) المجموع للنووي ٥ / ٦٦، والمغني ٢ / ٢٨٤، وكشاف القناع ٢ / ٥٩، والطحطاوي ص ٣٦٠
(٣) المغني ٢ / ٢٨٣ ط المنار، وفتح القدير ١ / ٤٣٧، والمجموع للنووي ٥ / ٦٦