للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ كَانَتْ مَغْشُوشَةً فَلاَ تُقْطَعُ (أَيْ لاَ تُمْنَعُ مِنَ التَّدَاوُل) لأَِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى إِتْلاَفِ رُءُوسِ أَمْوَال النَّاسِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْفَتْوَى عَلَى قَطْعِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ الَّتِي يُزَادُ فِي غِشِّهَا حَتَّى صَارَتْ نُحَاسًا. وَكَذَا الذَّهَبُ الْمُحَلاَّةُ لِعَدَمِ ضَبْطِهَا فِي الْغِشِّ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ لِلإِْمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشِ لِخَبَرِ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (٢) وَلِئَلاَّ يَغُشَّ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ بَعْضًا. فَإِنْ عَلِمَ مِعْيَارَهَا صَحَّتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا كَبَيْعِ الْغَالِيَةِ وَالْمَعْجُونَاتِ، وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ، وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا،

وَالثَّانِي: لاَ يَصِحُّ مُطْلَقًا كَاللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ، وَالثَّالِثُ: وَإِنْ كَانَ الْغِشُّ مَغْلُوبًا صَحَّ التَّعَامُل بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَالِبًا لَمْ يَصِحَّ، وَالرَّابِعُ: يَصِحُّ التَّعَامُل بِهَا فِي الْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ (٣) .

وَلِلْحَنَابِلَةِ فِي الْمَغْشُوشِ مِنَ النُّقُودِ رِوَايَتَانِ: أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: نَقَل صَالِحٌ عَنْ أَحْمَدَ فِي دِرْهَمٍ يُقَال لَهَا الْمُسَيِّبِيَّةُ عَامَّتُهَا نُحَاسٌ إِلاَّ شَيْئًا


(١) مواهب الجليل ٤ / ٣٤٢.
(٢) حديث: " من غشنا فليس منا ". سبق تخريجه ف / ٥.
(٣) مغني المحتاج ١ / ٣٩٠.