للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالصَّانِعُ يَحْصُل لَهُ الاِرْتِفَاقُ بِبَيْعِ مَا يَبْتَكِرُ مِنْ صِنَاعَةٍ هِيَ وَفْقُ الشُّرُوطِ الَّتِي وَضَعَ عَلَيْهَا الْمُسْتَصْنِعُ فِي الْمُوَاصَفَاتِ وَالْمُقَايَسَاتِ، وَالْمُسْتَصْنِعُ يَحْصُل لَهُ الاِرْتِفَاقُ بِسَدِّ حَاجِيَّاتِهِ وَفْقَ مَا يَرَاهُ مُنَاسِبًا لِنَفْسِهِ وَبَدَنِهِ وَمَالِهِ، أَمَّا الْمَوْجُودُ فِي السُّوقِ مِنَ الْمَصْنُوعَاتِ السَّابِقَةِ الصُّنْعِ فَقَدْ لاَ تَسُدُّ حَاجَاتِ الإِْنْسَانِ. فَلاَ بُدَّ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى مَنْ لَدَيْهِ الْخِبْرَةُ وَالاِبْتِكَارُ.

أَرْكَانُ الاِسْتِصْنَاعِ:

أَرْكَانُ الاِسْتِصْنَاعِ هِيَ: الْعَاقِدَانِ، وَالْمَحَل، وَالصِّيغَةُ.

٩ - أَمَّا الصِّيغَةُ، أَوِ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول فَهِيَ: كُل مَا يَدُل عَلَى رِضَا الْجَانِبَيْنِ " الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (١) " وَمِثَالُهَا هُنَا: اصْنَعْ لِي كَذَا، وَنَحْوِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَفْظًا أَوْ كِتَابَةً.

١٠ - وَأَمَّا مَحَل الاِسْتِصْنَاعِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِيهِ، هَل هُوَ الْعَيْنُ أَوِ الْعَمَل؟ فَجُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَوِ اسْتَصْنَعَ رَجُلٌ فِي عَيْنٍ يُسَلِّمُهَا لَهُ الصَّانِعُ بَعْدَ اسْتِكْمَال مَا يَطْلُبُهُ الْمُسْتَصْنِعُ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الصَّنْعَةُ قَدْ تَمَّتْ بِفِعْل الصَّانِعِ أَمْ بِفِعْل غَيْرِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَلْزَمُ، وَلاَ تُرَدُّ الْعَيْنُ لِصَانِعِهَا إِلاَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. فَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى صَنْعَةِ الصَّانِعِ أَيْ " عَمَلِهِ " لَمَا صَحَّ الْعَقْدُ إِذَا تَمَّتِ الصَّنْعَةُ بِصُنْعِ غَيْرِهِ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْعَيْنِ


(١) الأخيار ٢ / ٤ ط مصطفى الحلبي، والشرح الصغير ٣ / ١٤، والمهذب ١ / ٥٧، وكشاف القناع ٣ / ١١٥ وما بعدها.