للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْمُتَوَسِّمِينَ} (١) . قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} رَوَى التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِ الأُْصُول مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: " لِلْمُتَفَرِّسِينَ " (٢) . وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ. (٣)

وَنَقَل الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُمَا كَانَا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ وَرَجُلٌ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَال أَحَدُهُمَا: أُرَاهُ نَجَّارًا، وَقَال الآْخَرُ: بَل حَدَّادًا، فَتَبَادَرَ مَنْ حَضَرَ إِلَى الرَّجُل فَسَأَلَهُ فَقَال: كُنْتُ نَجَّارًا وَأَنَا الْيَوْمَ حَدَّادٌ (٤) .

اعْتِبَارُ الْفِرَاسَةِ مِنْ وَسَائِل الإِْثْبَاتِ:

٥ - لِلْمُتَفَرِّسِ الْمُؤْمِنِ الأَْخْذُ بِفِرَاسَتِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى مَحْظُورٍ شَرْعِيٍّ.

أَمَّا فِيمَا يَتَّصِل بِحُقُوقِ الْعِبَادِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ الْفِرَاسَةِ مِنْ وَسَائِل الإِْثْبَاتِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهَا:

فَذَهَبَ الطَّرَابُلُسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ


(١) سورة الحجر / ٧٥.
(٢) حديث أبي سعيد الخدري في تفسير قوله تعالى: (للمتوسمين) . أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (٣ / ١٩١) وأشار إلى إعلاله.
(٣) حديث: " اتقوا فراسة المؤمن. . . ".
(٤) القرطبي ١٠ / ٤٢ - ٤٤.