للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السَّوَادِ وَلاَ غَيْرِ السَّوَادِ مِنَ الْبُلْدَانِ، فَإِنَّ الْمُتَقَبِّل - إذَا كَانَ فِي قَبَالَتِهِ فَضْلٌ عَنِ الْخَرَاجِ - عَسَفَ أَهْل الْخَرَاجِ، وَحَمَل عَلَيْهِمْ مَا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَظَلَمَهُمْ، وَأَخَذَهُمْ بِمَا يُجْحِفُ بِهِمْ، لِيَسْلَمَ مِمَّا يَدْخُل فِيهِ، وَفِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ خَرَابُ الْبِلاَدِ، وَهَلاَكُ الرَّعِيَّةِ، وَالْمُتَقَبِّل لاَ يُبَالِي بِهَلاَكِهِمْ لِصَلاَحِ أَمْرِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَفْضِل بَعْدَ مَا يَتَقَبَّل بِهِ فَضْلاً كَبِيرًا، وَلاَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلاَّ بِشِدَّةٍ مِنْهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَضَرْبٍ لَهُمْ شَدِيدٍ، وَإِقَامَتِهِ لَهُمْ فِي الشَّمْسِ، وَتَعْلِيقِ الْحِجَارَةِ فِي الأَْعْنَاقِ، وَعَذَابٍ عَظِيمٍ يَنَال أَهْل الْخَرَاجِ مِنْهُ، وَهَذَا مَا لاَ يَحِل، وَلاَ يَصْلُحُ، وَلاَ يَسَعُ، وَالْحَمْل عَلَى أَهْل الْخَرَاجِ بِمَا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَل أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْعَفْوُ، وَلاَ يَحِل أَنْ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ الْقَبَالَةَ لأَِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يُحَمِّل هَذَا الْمُتَقَبِّل عَلَى أَهْل الْخَرَاجِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ، فَيُعَامِلَهُمْ بِمَا وَصَفْتُ لَك، فَيَضُرَّ ذَلِكَ بِهِمْ، فَيُخَرِّبُوا مَا عَمَّرُوا وَيَدَعُوهُ، فَيَنْكَسِرَ الْخَرَاجُ، فَلَيْسَ يَبْقَى عَلَى الْفَسَادِ شَيْءٌ، وَلَنْ يَقِل مَعَ الصَّلاَحِ شَيْءٌ، إنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَى عَنِ الْفَسَادِ (١) ، قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَل: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إصْلاَحِهَا} (٢) .


(١) كتاب الخراج ٢ / ٣ وما بعدها.
(٢) سورة الأعراف / ٥٦.