للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِحُرْمَةِ تَحْوِيزِ الْقَبْرِ - بِأَنْ يُبْنَى حَوْلَهُ حِيطَانٌ تُحْدِقُ بِهِ - وَوُجُوبِ هَدْمِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بُوهِيَ بِالْبِنَاءِ، أَوْ صَارَ مَأْوًى لأَِهْل الْفَسَادِ، أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، قَال الدُّسُوقِيُّ: الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ حَوْلَهُ فِي الأَْرَاضِي الثَّلاَثَةِ - وَهِيَ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ بِإِذْنِ وَالْمَوَاتُ - حَرَامٌ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَجَائِزٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّمْيِيزِ وَإِنْ خَلاَ عَنْ ذَلِكَ كُرِهَ.

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ فِي الْبِنَاءِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ:

رِوَايَةٌ بِالْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ، لأَِنَّهُ تَضْيِيقٌ بِلاَ فَائِدَةٍ وَاسْتِعْمَالٌ لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ.

وَرِوَايَةٌ بِالْمَنْعِ، صَوَّبَهَا الْبُهُوتِيُّ قَائِلاً: الْمَنْقُول فِي هَذَا مَا سَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنِ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَقْبَرَةِ، قَال: لاَ يُدْفَنُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ لاَ يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ كَغَيْرِهِ.

وَقَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ بَنَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِيهَا فَهُوَ غَاصِبٌ (١) .

وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْفُسْطَاطَ وَالْخَيْمَةَ عَلَى الْقَبْرِ، لأَِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ " أَوْصَى حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَنْ لاَ تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا وَقَال الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ


(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٦٠١، وحاشية الدسوقي ١ / ٤٢٤، ٤٢٥، وحاشية القليوبي ١ / ٣٥٠، وكشاف القناع ٢ / ١٣٩، والإنصاف ٢ / ٥٤٩ - ٥٥٠.