للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَقَدُّمُ الإِْيجَابِ عَلَى الْقَبُول فِيهِ قَالُوا: لأَِنَّ الْقَبُول إنَّمَا يَكُونُ لِلإِْيجَابِ، فَمَتَى وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولاً لِعَدَمِ مَعْنَاهُ، بِخِلاَفِ الْبَيْعِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ، وَلأَِنَّهُ لاَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَفْظٌ، بَل يَصِحُّ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِمَّا يُؤَدِّي الْمَعْنَى (١) .

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالْقَبُول عِنْدَهُمْ هُوَ مَا يَذْكُرُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعَقْدِ دَالًّا عَلَى رِضَاهُ بِمَا أَوْجَبَهُ الطَّرَفُ الأَْوَّل. فَهُمْ يَعْتَبِرُونَ الْكَلاَمَ الَّذِي يَصْدُرُ أَوَّلاً إيجَابًا وَالْكَلاَمَ الَّذِي يَصْدُرُ ثَانِيًا قَبُولاً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَابِل بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا، مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُؤَجِّرًا، الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ أَوْ وَلِيَّهَا، يَقُول الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: الإِْيجَابُ: هُوَ إثْبَاتُ الْفِعْل الدَّال عَلَى الرِّضَا الْوَاقِعِ أَوَّلاً سَوَاءٌ وَقَعَ مِنَ الْبَائِعِ كَبِعْتُ، أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي كَأَنْ يَبْتَدِئَ الْمُشْتَرِي فَيَقُول: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ، وَالْقَبُول: الْفِعْل الثَّانِي، وَإِلاَّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا إيجَابٌ أَيْ إثْبَاتٌ، فَسُمِّيَ الإِْثْبَاتُ الثَّانِي بِالْقَبُول تَمْيِيزًا لَهُ عَنِ الإِْثْبَاتِ الأَْوَّل، وَلأَِنَّهُ يَقَعُ قَبُولاً وَرِضًا بِفِعْل الأَْوَّل (٢) .


(١) الحطاب ٤ / ٢٢٩ وجواهر الإكليل ٢ / ٢، ومنح الجليل ٢ / ١١، ومغني المحتاج ٣ / ١٤٠، ونهاية المحتاج ٣ / ٣٦٦ - ٣٦٧، ٦ / ٢٠٧، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ١٤٠، ٣ / ١٢، والمغني ٦ / ٥٣٤ - ٥٣٥.
(٢) ابن عابدين ٤ / ٧، وفتح القدير ٥ / ٤٥٦، نشر دار إحياء التراث.